.
في ألبومه الجديد كومرو، والصادر عن تسجيلات إيليان تيب، يسير سكي ماسك على هدى طيفٍ واسع من الأنواع الفرعيّة والتأثيرات المختلفة، متسلحًا بحساسيّة مرهفة للتفاصيل وتصميم صوت جذّاب، ليقدّم ما يرقى لحجم التوقعات والضجة التي أحدثتها إصداراته السابقة.
في مقابلته مع رِزيدنت أدفايزر، لمّح برايان مولر (المعروف بـ سكي ماسك) إلى الصوت الذي يريد تحقيقه في ألبومه الطويل القادم حينها، موضحًا نيته بـ “العودة إلى سطور بايس أكثر تحديدًا ونغمات بإيقاعات الفَنك الراقصة.” نيةٌ لا تلبث أن تتحقق مع تقدم الألبوم. سيشن آد، ثاني مقطوعات الألبوم، مبنيّةٌ على سطر بايس بسيط لكن فعّال، يُشكّل القاعدة التي يستند إليها تطوّر البِيت الأساسي، حتى تبلغ الأغنية ذروتها مع فاصلٍ إيقاعيّ لا يمكن أن تخطئه الأذن من أ كامبفاير هيدفيز للثنائي بوردز أُف كندا. لكن بينما يتبنى الثنائي تراكيبًا خشنة، يأخذ سكي ماسك الصوت إلى مساحة أكثر معاصرةً، وبجودة أنقى. مع المقطوعة التالية، ريف٨٦١٧، تظهر الخاصية الأسلوبيّة الثانية التي ألف وفقها مولر ألبومه، بادئةً بنغمة سينث تايكويّة (نسبةً إلى تايكو) ستلتصق بذهنك لأيام؛ بسيطة لكنها معدية وتنجح بالنهوض بالمقطوعة كاملةً.
لا يعني كل هذا أن سكي ماسك تخلى عن الإيقاعات المتسارعة المنمّقة التي ميّزت أعماله السابقة، إذ ما زالت حاضرة وبوفرة. لكن في حين كان لألبومه الأوّل شرِد جذور عميقة في التكنو، مع لمحات من الجنغل والبرايك-بيت والآي دي إم Intelligent Dance Music، يتبنى في كومبرو تلك التأثرات الأخرى، يتلاعب بها ويدمجها ليحقق وقعًا عظيمًا. في القسم الأوسط للألبوم، ابتداءً بـ ٥٠ يورو تو برايك بوست وانتهاءً مع ديال٢٧١٤ وما يليها من تصعيد حتى نهاية الألبوم، نجد سكي ماسك محافظًا على المزاج العام والمشاهد الصوتية لإصداراته السابقة. الفارق الرئيسي أنه يفعل كل ذلك مبقيًا حلبة الرقص في باله، فيميز كل مقطوعة بـ بيت يحددها، يمنحها طاقة دافعة ويظهر جانبًا مختلفًا من شخصيته الموسيقية. في مقطوعة فيا سب ميدز، نلاحظ لمحات من التكنو الأتموسفيري لـ دومينيك يولبرج وكولكتيف ترمستراس. كما تذكرنا مقطوعة فلاي باي في إف آر بأعمال آمون توبن من بداية الألفيّة. نظريًا، يبدو ازدحام التأثيرات فوضويًا ومبعثرًا، لكن مولر يتمكن من السيطرة عليه.
يحقق مولر ذلك عبر مجموعة أصوات مألوفة متناغمة وممزوجة بحس، يمهد أحدهما للآخر بين تدفّقٍ وانحسار، فلا يجد صوتٌ طريقه إلى الواجهة إلا لينسحب، ثم يعاود الظهور مع تغييرٍ بسيطٍ فيه. هذه الحركة تجعل المستمع متورطًا مع ديناميكية الألبوم، وتشكل الغراء الصوتي الذي يجمع أجزاءه. في مقطوعة كوزميك فلَش مزيج من أصوات الإف الإم الناشزة والطبول اللوحية مع سطور بايس تناظريّة تقليدية تقترب من الآسيد هاوس. تجتمع هذه العناصر في نقاط محددة، بسلاسة لا تشتت الانتباه عن التدفق الجارف للإيقاعات النابضة المنهكة بالخلل. على الجانب الآخر، تحمل المقطوعة الختامية، كاليمَنس (ديلاي ميكس)، تأثيرات من الدَب وأسلوب إيفكس توين المبكّر، لكن الطبول اللوحيّة تعيدها إلى صوت الألبوم الرئيسي وتُنهيه بذروة.
الناحية الوحيدة التي كان من الممكن تنفيذها بشكل أفضل هي كون الصوت يبدو أنقى من اللازم أحيانًا، وربما عقيمًا بعض الشيء. في حين تقدم أول مقطوعة في الألبوم، سيروفرب، لمحات لبعض الشوائب، مع بعض الأصوات الدخيلة في خلفية التسجيل، وصوت أنفاس يتنقل في المركز والواجهة يمنح المقطوعة عنصرًا بشريًّا، يختفي هذا المزيج من الأصوات تقريبًا في بقية الألبوم. هذه الكمالية تبرز أكثر لدى الاستماعات المتكررة، وتجعل الألبوم ككل أقل تواصلًا مع المستمع.
تبقى هذه الكماليّة هفوةً بسيطة لا تنتقص من إنجاز سكي ماسك، ولا تمنع كامبرو من أن يعد خطوة أخرى في مسيرة مولر الصاعدة كمنتج وكأحد أكثر الموسيقيين الإلكترونيين إثارةً على الساحة.