.
يعتبر مودي مان من أكثر منتجي الهاوس غموضًا وابتكارًا في التسويق لألبوماته. الربيع الماضي، أصدر مان أغنية جَت مي كمينج باك رايت ناو عبر تسجيلات ماهوجوني ميوزك دون إعلان مسبق. بعد اكتشاف مدونات ومواقع الموسيقى لهذه الأغنية، توقع الكثير من معجبيه ألبومًا جديدًا قادمًا في الصيف، وكانت هذه الخطة بالفعل، لكن لسببٍ ما أعلن مودي أنه لن يصدر هذا الألبوم أبدًا في محاضرة أعدتها أكاديمية ريد بل للموسيقى، قال مودي أنه يصدر عشرة في المئة فقط من تسجيلاته وأنه يضيف تقنية جديدة في كل ألبوم.، والذي سُمّي بالنتيجة الألبوم الضائع. في منتصف كانون الثاني / يناير لهذا العام، وزّع مان شخصيًا نسخًا من الألبوم الضائع. بعد ذلك بخمسة أشهر أصدر مان ألبومه الرسمي الثاني عشر سينر، متلاعبًا بتوقعاتنا، فربما في قرب المدة الزمنية بين توزيعه تلك النسخ وصدور هذا الألبوم، إلى جانب كونه صدر بعد عام بالضبط من الوقت الذي كنا ننتظر فيه الألبوم الضائع، ما يدل على أن سينر هو الإصدار الرسمي للألبوم الضائع؛ وإن كان كذلك، هل يستحق كل هذا الغموض والترقّب؟
باستخدام جهاز الإم بي سي وبمساعدة من فرقته، نجح مودي في خلق هوية صوتية لا يمكن أن يقلدها منتجي الهاوس الذين يستخدمون أضخم المعدّات. في افتتاحية الألبوم، آيل پروڤايد، تكتنز الأغنية بدقة تفاصيل الصوت وتضم أصواتًا من آلات وعينات موسيقية متنوعة، مثل السينث والبايس جيتار، الكمان الحزين، ضجيج الجليتش، صوت حشد والكيك درم. في المزاج، تحمل الأغنية جاذبية خاصّة، لكنها تعطي في نفس الوقت إحساسًا بالضيق، حيث يغني مودي بطريقة هلوسية همسية وشريرة.
تتشابه أغنية آي ثينك أوف ساترداي، من ناحية إنتاجية، بأعمال برنس التي أصدرها أواخر الثمانينات، باللين درم ماشين الذي يضرب في أذن المستمع كالسوط، وغناء مودي مان الذي يبدو أنه لا يكترث بمن يغني له، بينما تقول كلماته عكس ذلك: “هاتفتُكِ الخميس، هاتفتُكِ الجمعة (…) لا أعلم كيف ستكون حالتي إن لم أركٍ / أذهب إلى العمل الاثنين / ليس من العدل أن أُتبعه بالثلاثاء / لأعاني الأربعاء / وبالكاد أنجو الخميس.” تقاطِع عيّنة من أغنية ويذ يو إن مايند لـ جو سايمون غناءَ وودي، مخففةً حدّة توتر الأجواء.
جوت مي كمينج باك تو يو من أهدأ أغاني الهاوس من ناحية البيتس. تحتوي الأغنية على إيقاع جازي، بايس هلوسي، غناء غير مفهوم وسينث مغلف. إضافة إلى ذلك، تعطي التأثيرات الصوتية التي تظهر فجأة مثل صوت حركة المرور وهتاف الحشد انطباعًا أن الأغنية جزء من عرض مباشر.
في إيف آي جايڤ يو ماي لَڤ، تتميز الأغنية بصوت فانك حيوي مبهج يغلف الأغنية بمساعدة من سطر بايس قوي. تتنقّل الأغنية بين عينات صوتية من مغنين مثل آل جرين وكاميل ياربوه، والتي تعطيها شعورًا ميلانكوليًا. تتميز داون تاون، الأغنية المستوحاة من الجاز، بصوت الكيبورد الكهربائي، الهاي هات، الطبل وصوت حشد يضحك. أكثر صوت ملفت في الأغنية هو ذلك الهامس: “نحن بخير، نحن بخير” مبديًا عكس ذلك. في ديبر شادو، التي شاركته فيها سايدي واكر، تمتلئ الأغنية بتأثيرات النيو سول من ناحية الغناء وتضم مقتطفات موسيقية من الإلكترو والهيب هوب.
من سمات أعمال مودي استخدامه فكرة أو صورة مبهمة بشكل متكرر، قد تحمل معنًى لبعض معجبيه وقد لا يفهمها غيره، مثل عبارة “أنت لا تحب هذه الأغنية، أنت تحب اللازمة فقط” التي اجتاحت ألبومه السابق. في النسخة الحية لأغنيته التي أُصدرت في ألبومه السابق، آي جَت وِرك، والتي تعد خلاصة الألبوم، يذهب مودي مان لمدًى أبعد لكن أكثر غموضًا في استدعائه الكنيسة التي أشار إليها في أغانٍ أخرى في الألبوم مثل آيل پروڤايد وآي ثينك أوف ساترداي، والتي بدت مجرد احتفاءٍ بتراث الفانك والسول الذي تأثر به مودي وحَفِل بإشارات إلى الكنيسة. هنا بدل ورود كلمة كنيسة وحدها ودون أي سياق كما في الأغاني المذكورة، يذكر في اللازمة عبارة “لدي بعض العمل لكِ بايبي” التي توحي بأنه قوّاد، ثم يختم بجملة على قافيتها تقول: “الكنيسة، اجنِ أموالكِ بايبي.” طبعًا، المجال مفتوح للقراءات المختلفة.
أبرز ما يؤكد عليه الألبوم، سواء كان هو الضائع أم لا، أن صوت مودي مان غير قابل للنسيان. لكل أغنية في الألبوم حالتها الخاصة كأنها فصل من كتاب، كما تحمل جميع الأغاني ذلك التناقض الذي يميّز موسيقى مودي ويجعلها تستحق الاستماع.