.
سواءً بدأت مسيرتهم من أساسها هذا العام أو بدأ فصلٌ جديدٌ منها، هذه قائمة بأبرز الأصوات الجديدة في العالم العربي التي استطاعت خلال فترة قياسية التأثير على مشاهدها، وخلق قاعدة جماهيرية تنتظر جديدها بحماس.
بعد صقل موهبته كصانع إيقاعات، بدأ ليجيسي مسيرته في الراب مطلع العام الجاري ليحصد قرابة المليوني سماع من خمس أغانٍ أصدرهم بتأني على طول العام. عُرِفَ ليجيسي على وجه الخصوص بأغنية اتتنين بالليل، التي أصبحت النشيد الرسمي لمشهد التراب الصاعد في الاسكندرية والأقاليم، كما أصبحت أكثر أغاني هذا المشهد رواجًا بحوالي مليون سماع.
يصرف ليجيسي الكثير من وقته على إيقاعاته، والتي يحتكرها لنفسه ولم يقدم أي منها حتى الآن لرابرز آخرين. تمتاز إيقاعات ليجيسي دائمًا بالضخامة والتعقيد، كما يبدي تأنيًا باختيار عيناته الصوتية، ليحرص على مفاجأة مستمعيه باستمرار رغم الأصوات المألوفة. كل ما يلزم ليجيسي حاليًا هو التحرر من تقييد العينات والعمل مع موسيقيين أو معدات تصميم صوت، وسيغدو قادرًا على رفع سقف الإنتاج عاليًا في التراب المصري.
تسللت ماكي مكوك إلى مسامعنا. لا نذكر أول مرة سمعناها فيها، لكنها بسلسلة من المشاركات القوية والأعمال المُقنعة فرضت نفسها بهدوء لتصبح أحد الأسماء التي نشملها في بحثنا اليومي عن ما يصدر من موسيقى. تتمتع ماكي بقدرتها على التنقل بسلاسة بين الراب والغناء، وبتوظيف سطور راب قارصة قد تبدو وكأنها تنتمي للراب الصرف، في غناء يضاعف من وقعها. بالإضافة إلى عملها ضمن فريقي السالب واحد وبلتنم، تؤدي ماكي كـ دي جاي باستمرار، واشتركت في مسرحية غنائية بعنوان جوع.
أوجد لايت فول (جورج عادل) لنفسه مكان مميز في فترة قصيرة وسط المشهد الإلكتروني التجريبي المصري. ففي حين أخذت عروضه الحية حتى الآن اتجاه تكنو مظلم، فإن إصداراته الفردية تراوحت بين الموسيقى المحيطة والآي دي إم، وهو الاتجاه الذي يتقنه بجدارة. تعتمد موسيقى لايتفول على خامات دافئة يخلقها بالسنث بادز، وصوت التايب الذي يستخدمه في تسجيل مقطوعاته وعينات صوتية لتسجيلات ميدانية. بالإضافة لذلك، يوظّف القسم الإيقاعي بشكل خفي مثل في مقطوعات سيركل وسليب درين، وأحيانًا بشكل واضح مثل فرذر ساوث ونير جرايف.
من خلال نظرة شاملة على أعمال لايت فول، يتبين لنا أنه قد استقر على صوتٍ خاصٍ به أخيرًا، ما يحمسنا لترقب ألبومٍ له العام المقبل، بالأخص بعد حصوله على إقامة الاستوديو الفنية هذا العام المقدمة من مركز برو هلفتسيا.
خلال هذا العام أثبتت قحبة الجيلي (دنيا شهدي) أنها واحدة من أفضل الدي جايز في المنطقة العربية. تقع موسيقى قحبة الجيلي في منطقة خاصة تكسر بها كل التوقعات والأصوات المألوفة حين نتحدث عن الموسيقى الراقصة. تعتمد شهدي في وصلات الدي جاي على الموسيقى الخاصة بالعديد من الثقافات الفرعية، في محاولة منها لتفكيك موسيقى الكلَبز وإعادة تعريفها. تتراوح وصلاتها الواحدة بين موسيقى الفوتوورك والجيرسي والبالتيمور والجرايم والدرام آند بايس والغراج والهيب هوب والفيوتشريستك كْلَب وغيرها. بالإضافة لذلك، فإن مشروعها وحفلاتها تحت إسم جيلي زون أصبحت من أهم الحفلات التي تستضيف منتجين ودي جاي معروفين بموسيقاهم التجريبية ووصلاتهم غير المعتادة.
افتتح زوكا عام ٢٠١٨ بحسم، إذ أنهى حضوره كمغني مهرجانات ثانوي، ونزل مع علاء فيفتي كمغني وموزِّع في المهرجان الضارب الصادر مطلع العام، كله بالحب. بعد فترة، افتتح فريق الدب البارد للتصوير مسيرتهم بأغنية مصورة لفريق مهرجانات / تراب جديد يدعى خبط، يضم كل من زوكا وكاتي ومصطفى حتحوت، حيث استمر زوكا بالجمع بين الغناء والتوزيع. ثم تعاون مع الدب البارد مجددًا لتصوير أغنيته الفردية بتكدب، والتي يفضل فيها التراب على المهرجانات.
تدرج زوكا خلال العام حتى أصبح اسمه مألوفًا مؤخرًا بين نجوم الصف الأول في غناء المهرجانات، ظهر مع الصواريخ في مهرجان الشباب الكبيرة وتابع ظهوراته مع فيفتي، ليزيد من وجوده مع الأسماء الأكثر وزنًا وتجديدًا في الساحة، وربما قريبًا يصبح أحد هذه الأسماء.
صعد اسم دودزي مع صعود مشهد راب فرعي صغير في مدينة السويس، كان مركزه استوديو ٦٩. افتتح دودزي العام بألبومه القصير الأوَّل ميدنايت، الذي أظهر فيه موهبة لافتة في كتابة أغانيه السوداوية الضبابية، وأسلوب في الإلقاء يجمع التراب والغناء والحديث الاعتيادي. لا يزال ميدنايت حتى اليوم من أفضل تسجيلات الراب التي صدرت في مصر خلال ٢٠١٨، وكان دودزي ينوي إتباع الألبوم بمكستايبه الأول دراماتيك، لكنه قرر من شهر حذف كافة أغانيه استعدادًا لإعادة إطلاق مسيرته تحت اسمٍ جديد.
حتى عودة دودزي، بإمكانكم الاستماع إلى أرشيفه القديم الذي جعله متاحًا حصريًا على معازف.
قد لا يكونون صوتًا جديدًا تمامًا، لكنهم يستحقون الذكر هنا لندرة من يعرفهم في العالم العربي وخارجه، ولأنهم هذا العام طوروا صوتهم وجودة إنتاجهم بشكل كبير يكاد يجعلهم فرقة أخرى. بنجون هم كالحجر الكريم المغمور في الطين. قد تنفر بعض الآدلبس تاعتهم وتوقيعاتهم مثل “الكل عأيري” و”بدنا نعمل اللي بدكم اياه” وصوت تعفيط السيارات، ولكن وراء هذا كله نجد أغان بكلمات حساسة وإلقاء مرهف، وموسيقى صممت فيها الأصوات بعناية. للبداية ببنجون نقترح سماع إذا بنسى وتكرهينيش.
في الظهور العنيف والأول له هذا العام، جاء شريط كزلك آنبا مِكس٠١ كرد صارم على موسيقى الكلَبز الراقصة. سالكًا نفس نهج الشريف طرخي، يملك كزلك حس قوي بالضجيج والتلاعب بالمؤثرات العنيفة ومعالجة الموسيقى الراقصة ليسعى بذلك إلى تفكيكها وتشويهها. تراكات كزلك التي صدرت خلال الشهرين الماضيين تعد جرعة مكثفة من المعالجة الصوتية وتحفل بالخامات الغنية والبايس. بالإضافة لذلك فإن ظهوره الأول بحفل افتتاح تسجيلات آنبا هذا العام تبشر بتعدد ذائقته الموسيقية التي لا تتوقف فقط عند موسيقى الضجيج فيفتح لنفسه المجال في الموسيقى المحيطة والبايس.
يأتي ويجز من مشهد الراب / التراب في مصر، لكن ليس بالضرورة أن يستمر في هذا المشهد. أكبر نجاحين لويجز خلال العام كانا في مهرجان خربان الذي شارك فيه إلى جانب سادات العالمي وعمرو حاحا، وأغنية ساليني، بالاد الآر آند بي العاطفي الذي يبدو كنسخة معاصرة ومنتظرة من عمرو دياب مطلع الألفينات. في كلماته، لا يميل ويجز للقسوة في التبجح ولا للمبالغة في المكاشفات الحميمية، هو منذ الآن يضبط ويسيطر على شخصيته التي تصل إلى المستمعين، وكأنه يحضرهم لتحوله في أي لحظة إلى نجم بوب، يشبه الجميع لكن لا أحد يشبهه.
قد لا تكون دينا عبد الواحد الوجه الجديد تمامًا، إذ ظهرت في مشروع راديو لاب بمهرجان سي تي إم برلين عام ٢٠١٦ بعرضها أول هيل ماذر إنترنت، وشاركت في مهرجان سونار العام الماضي، وفي بويلر روم أمستردام في بداية العام الحالي. بالإضافة إلى مشاركتها في ألبوم بلانج للفنانة كارن دراير المعروفة باسم فيفر راي. لكن مع هذا العام تثبت دينا عبد الواحد نفسها كمنتجة بتألقها في ألبومها الطويل الأول خُنَّار، لتحتل مكانة هامة بين منتجي الموسيقى الإلكترونية في المنطقة العربية. ما يميّز خنّار هو جاذبية تراكاته التسعة بإيقاعاتها غير التقليدية. كما يلعب غناؤها دور حيوي كى تعبر عن قضايا عديدة تشغلها في المنطقة.
رغم ازدحام ساحة الراب في مصر وتعدد مشاهدها من مدينة لأخرى، إلا أن الأمر يختلف فيما يتعلق بالروك. الأسماء ذاتها تشغل المساحة المحدودة ذاتها دون تجديد يذكر. لذا كان حدثًا مشوقًا لنا أن سمعنا بفرقة بَنك روك مصرية جديدة قد أصدرت للتو ألبومها القصير الأول. نزّل الثلاثي ديرتي باكسيت ألبومهم القصير الأول جووباد بداية هذا العام. عبر خمس أغنيات، قدمت الفرقة كلماتها مغناة بالإنكليزية، ثم بالعاميّة المصرية. حافظت على كثير من خصوصيات البَنك روك الكلاسيكي، وأضافت تفصيلات أكثر تجديدًا. تبادل عضواها الرئيسيان غناء العديد من المقاطع بأصوات متناقضة. ككل، كانت تجربة الاستماع لجووباد أشبه بإعادة اكتشاف مذاق وجبتك المفضلة بعد انقطاعك لمدة عن تناولها، الأمر الذي يجعلنا نتأمل استمرار مشروع ديرتي باكسيت وماقد يحمله من تطور مطلوب في صوت الفرقة.
بدأ بلاكود بالراب عمومًا منذ ٢٠١١، لكنه أصبح ملحوظًا بشكلٍ متزايد منذ إطلاقه قناته الجديدة على ساوندكلاود، وإصدار سلسلة أغاني منفردة من ألبومه المقبل المرتقب، نو نايم. كون بلاكود مقيم في قطر، فقد استفاد إلى حدٍ ما من تشتته بين مشاهد الراب في المنطقة، إذ نلمح في أسلوبه شيئًا من الراب التونسي والمغاربي عمومًا كونه من تونس، وشيئًا من الراب الشامي لتعاونه مع أمثال إيلام والناصر، وفي النهاية نحصل على تصريف خاص به من التراب.
خلال العام الماضي، بدأ بلاكود بترسيخ أسلوبه عبر البحث عن هويته البصرية الخاصة، فأصدر أربع أغانٍ مصورة مضى في كلٍ منها مع توجه مختلف في تصوير فيديوهات الراب في العالم أو المنطقة، قبل أن يستقر في الفيديو الأخير لأغنية نكست على تأثرات أوضح من مشهد الراب المغاربي.
لم يكن موسى قد تجاوز العشرين بعد عندما أصدر مطلع الصيف الماضي ألبومه القصير الأوّل OV الذي تحدث خلاله عن كل شيء. تحدث عن مشاكله مع ذاته والآخرين، عن العدم والحياة، عن علاقاته العاطفية والأسرية، عن التذنيب وعدم الثقة بالذات. بدا وكأنه قال كل ما لديه حقًا. جاء ذلك في انفجار أسلوبي اعتمد بشكلٍ كبير على التركيز على تدفقات سريعة ساخطة وتقلب مستمر بين أصناف فرعية مختلفة وإيقاعات مبهرجة. بعد الألبوم، لم يصدر موسى طوال العام سوى أغنيتين، تمضيان بأسلوبه بعيدًا على مستوى النضج والتركيز.
مدخل ممتاز للتعرف على موسى هو أغنيته المزدوجة الأخيرة لسا X متدعفل، والتي يفتتحها بإعادة معالجة لمقدمة أغنية ساقع من ألبومه الأوّل، قبل أن نسمع أداءه الهادئ المعتدل، وأسلوبه الخام في الكتابة الذي يتسلل باستمرار بين مواضيع حميمية وأخرى تبجحية: “الحب الأعمى بيخلينا نفتح / لو تغلط فينا مش هتفتح.”
عرف الناظر بصوت آخر قبل اشتغاله مع شب جديد، وعرف شب جديد باسم آخر ظهر فيه الوعد الذي أتى أكله لاحقًا، أبو أذينة. مسيرة الناظر تألفت من اشتغاله بالتريب هوب وصقل مهاراته فيه، ثم التجريب والابتكار بشراسة في الألبوم الذي أنتجه للراس، إدارة التوحش. بعد ذلك، إما أنه طوّر، أو اكتشف، والأغلب أنهما الأمران معًا، قدرته على كتابة كورسات تنشب مخاطفها في دماغ المستمع ولا تفلّت. أضف إلى ذلك قدراته المتقدمة في الإنتاج، وسطور شب جديد المعقدة عاطفيًا وسياسيًا، المحفزة للعواطف والأفكار، فتحصل على أغانٍ من أحسن ما صدر في ٢٠١٨، مثل بنساك.
بعد أن أعدم وجوده السابق على الإنترنت كـ داما، عاد مروان بابلو بصوت جديد أكثر وضوحًا وتأنيًا، بأغاني تُظهر بوضوح جديته كموسيقي وموهبته المتفردة. بابلو بإمكانه كتابه سطر تلو الآخر تتزاحم في مخيلتك وتحفزها، يغنيها بألحان عفوية مليئة بالطاقة ومشبعة للحواس، بما فيها من توزيعات غنية بأصوات مُهندسة ومدروسة.
منذ ظهوره الجديد، أثبت بابلو أن لديه كل ما يلزم ليكون موسيقيًا ناجحًا ذو أثر واسع، ونحن نتطلع بفارغ الصبر لجديده.