آيفكس توين
أجنبي جديد

كولابس | آيفكس توين

رامي أبادير ۰۳/۱۰/۲۰۱۸

أثبت آيفكس توين (ريتشارد ديفيد جيمس) على مدار مسيرة تقترب من ثلاثين عامًا أنه أحد رواد موسيقى الآي دي إم منذ انطلاقتها الأولى في أوائل التسعينات. فمنذ إصداره الأول سلكتد آمبينت وُركس وظهوره على ألبوم آرتيفيشل إنتليجنس التابع لتسجيلات وورب، اقترن اسمه بالموسيقى الإلكترونية الأكثر تجريبية، والتي تمثل نفسها كبديل للمشاهد الراقصة وتعتمد على الاستماع المكثف حد الإنصات، والحافلة بالتفاصيل وتصميم الأصوات وجودة الإنتاج. اختلف صوت آيفكس توين من ألبوم إلى آخر ليجمع بين العنصر المحيط والضجيج والجانجل والإلكترو حتى أصبحت أعمالٌ مثل سلكتد آمبينت وُركس وآى كير بيكوز يو دو ودروكس من كلاسيكيات الآى دي إم.

اليوم، يمكن رصد ملاحظتين حول موسيقاه منذ انقطاعه عن الإصدار لثلاثة عشر عام ورجوعه عام ٢٠١٤ بألبوم سايرو. الأولى هى ترصد متابعيه لإصداراته، ففي حين يتحيز مهاويسه بشكل مبالغ لموسيقاه إلى درجة اعتبارهم كل إصدار جديد قطعة فنية فريدة، اختلف نقاد ومتابعو الآي دي إم حول أعماله الثلاث بداية من سايرو. أصبح ملاحظًا تكرار الأفكار والأصوات في أعماله، وإن أخذت شكلًا أحدث من حيث الإنتاج الموسيقي، إلى درجة تفرض السؤال التالي: “ما الجديد الذي يقدمه آيفكس توين؟” أما الملاحظة الثانية فهى اعتماده على حملات دعائية مكثفة يسودها الغموض. قد يمكن ربط تلك الملاحظتين ببعضهما البعض، فالكثير من الدعاية يزيد تلك الحالة من الترصد.

كثّف آيفكس توين نهجه في الدعاية قبل إصدار ألبومه الجديد كولابس. فسبق الألبوم ظهور شعارات ثلاثية الأبعاد بمدن مختلفة حول العالم وسقوط مفاجئ للموقع الخاص بتسجيلات وورب. تلاه إعلان عن تأجيل موعد إصدار الفيديو الخاص بتراك تي٦٩ كولابس على أدَلت سويم نظرًا لعدم تخطيه اختبار هاردينج لمرضى الصرع الناتج من حساسية الضوء. ارتفعت التوقعات، فهل يرقى الألبوم إليها؟

بدءًا من افتتاحية الألبوم، تي٦٩ كولابس، نلاحظ أنه لا جديد من حيث الأصوات المستخدمة في أعماله السابقة وبالأخص في سايرو، فنستمع إلى نفس صوت البايس الأنالوج المعتاد الذي يقود النغمة الرئيسية للتراك، تتخلله نفس الأصوات الخاصة بالبادز والليد سنث والآسيد (الآتي من رولاند تي بي ٣٠٣ أو إس إتش ١٠١) التي استهلكها من قبل عشرات المرات. أما الإيقاع فهو أكثر العناصر إثارة، إذ يختلف من بار إلى آخر بفواصله وديناميكيته. يفاجئنا التراك بأفضل ما فيه بالقرب من منتصفه، فيفكك جيمس بناء التراك ويزيد من حدته معتمدًا على صوت الكيك المشوه وتلاعبه بسرعة الإيقاع.

تراك فرست ٤٤ هو الأفضل في الألبوم، إذ يعتمد على تعامل حرفي مع التي آر ٩٠٩، فيبدع جيمس بالإيقاع وينسج من أصوات التي آر والبايس والكيك الضخمين تراك تجريبي راقص بجدارة مليء بالتفاصيل الدقيقة. من ناحية الصوت يعتبر فرست ٤٤ هو الجديد الذي يقدمه جيمس أول مرة منذ سنين طويلة. من الممكن ملاحظة تأثره بموسيقى الفوتوُرك من حيث تشابك الإيقاعات واستخدام الكيك والعينات الصوتية الممدودة التي تظهر من حين لآخر. لا يعد آيفكس توين مستجدًا على تلك الموسيقى، فسبق له التعاون مع جاي لين العام الماضي. يستمر آيفكس باستخدامه للتي آر ٩٠٩ حتى نهاية الألبوم ويعتمد على الكيك الخاصة بها كمصدر أساسي للبايس.

أما في إم تي١تي٢٩آر٢، يمكن تتبع أصول التراك التي ترجع إلى ألبومي ريتشارد دي جيمس ودروكس، لكن آيفكس ينجح بجذب المستمع بتدشين أفكار بين المقاطع المختلفة وتمكنه من ربطها سوية. في أبندانس١٠إديت قدر لا بأس به من تفكيك موسيقى الفوتوُرك، بالأخص في النصف الثاني الذي يصلح أن يكون تراك مستقل بذاته. ينهي جيمس الألبوم بـ بيتكس الذي يُشكّل استعادة لموسيقى سايرو، بالأخص صوت الآسيد الطاغي، وإن كان يختلف طابع التراك المظلم عن طابع سايرو النغمي.

لا يبدو أن هناك نية لدى آيفكس توين بتقديم أى جديد من حيث تصميم الأصوات. أصبح مملًا وخاليًا من أي خامات مركبة، كما يسهل توقع أصوات سنثاته ومؤثراته التي أتت كنسخة من سايرو بالأخص. ما ينقذ الألبوم هو إنتاجه الموسيقي المعتمد على البايس وديناميكيته الثرية والفيديو المشوق لتراك تي٦٩ كولابس الذي أخرجه  ويردكور (نيكي سميث) الذي بدأ بالتعاون مع آيفكس في فيديوهاته وعروضه الحية منذ عام ٢٠٠٩. يضاف إلى ذلك تلاعبه بالإيقاعات والبناء وبراعته في تنظيم وعرض أفكاره المتعددة ضمن التراك الواحد. ليس هناك شك أن هذا الألبوم أفضل من تشيتاه (ألبومه السابق) الذي جاء متواضع المستوى ومخيبًا للآمال، مما قد يوفر بعضًا من الأمل لمريدي جيمس. رغم تلك الحملة الإعلانية الضخمة التي تبني توقعات أكبر من الألبوم، يثبت جيمس أنه ما زال قادرًا على الاستمرارية ومواكبة أصوات الموسيقى الإلكترونية الحديثة.

المزيـــد علــى معـــازف