fbpx .
مش هقدر حد رد بول أبيوسف شعبان عبد الرحيم إسلام شيبسي معازف مراجعة

مش هقدر حد | أبيوسف وإسلام شيبسي وشعبان عبد الرحيم

رامي أبادير ۲۰۱۸/۱۲/۰٤

https://www.youtube.com/watch?v=M-nT4039lfc

على مدار سنين عديدة، نجحت رِد بُل ميوزك أكاديمي بدعم ظواهر ضاربة بشكلٍ عابر غير متعمق، ونجحت في أحيان أخرى في تسليط الضوء على مشاريع موسيقية بشكل جيد من خلال فعاليات وفيديوهات ومهرجانات وإقامات فنية. في المقابل، لكن جانب تجاري من نشاط رِد بُل، لعله يتجسد بوضوح من خلال دورها في مصر، كاشفًا عن استبدال الرؤية الجادة بإحداث فرقعة لحظية دون التركيز على المحتوى الجديد. تقترن هذه المعادلة السهلة الآمنة بنموذج شركات الإعلانات التي تسعى إلى زيادة مواردها عن طريق التهام كل الظواهر والصيحات التي تقع في طريقها. من الممكن تفهم هذا الاتجاه عندما نتحدث عن شركات خاصة (كوربورِت) بحجم رِد بُل، الذي يختلف نموذج عملها عن نموذج حركات الثقافة الفرعية أو المشاريع التعاونية.

بالإضافة إلى هذا الاتجاه بشكل عام، ما يثير القلق في حالة رِد بُل في مصر (أو الشرق الأوسط) هو تناول ظواهر ومشاريع موسيقية بشكل يعكس إكزوتيكية مفرطة. من الغريب أن يكون القائمون على المحتوى مصريين أو من المنطقة العربية ومنقطعين عن الواقع المصري بهذا القدر. لنأخذ مثالًا على ذلك مشروع جام هورية، يعكس هذا المشروع رؤية الأجنبي المرفه القادم في جولة سياحية إلى مصر، منبهرًا بسكان سيناء والنوبة، فيقوم باحتواء منتجي موسيقى إلكترونية مصريين من القاهرة لينتجوا تراكات بالتعاون مع سكان تلك المناطق. على صعيد تقديم وإخراج المحتوى، فهو إكزوتيكية ذاتية تجعل من سكان البدو والنوبة مفعولًا به، وتُصدِّر المنتجين القادمين من القاهرة كأجانب منعزلين عن الواقع، وإن رفضوا ذلك. ما يدل أكثر على ذلك هو عدم إعطاء أى صوت أو دور لسكان النوبة وسيناء. ففي الفيديوهات الخاصة بالمشروع لا نراهم يتحدثون ولا نعرف انطباعاتهم. فقط يعطي المنتجين القاهريين انطباعات وتصورات عنهم كفئران تجارب. لا تختلف هذه الرؤية بالفعل عن السياقات الاستعمارية منذ قرنين مضت. أما على صعيد الموسيقى، فليس من الغريب أن يجلب هذا التعاون بتلك الصورة موسيقى مزج لحظية تفتقر إلى ما هو جديد، ولكن تظل الفرقعة حاضرة، وهو كل ما يبحث عنه القائمون على برنامج رِد بُل في مصر.

ما نسمعه في مش هقدر حد ليس جديدًا، فهذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها جهودًا لتقريب المهرجانات من الراب أو التراب. منذ بداية العام، بذل علاء فيفتي جهودًا في إزالة الحواجز بين الصنفين والعثور على ديناميكيات مشتركة لتسجيل أغانٍ جذابة وضاربة مثل بالحب وبلعب أساسي، بينما عمل سادات العالمي على العثور على أراضي مشتركة مع مغني التراب، كما في ريمكس عايز فين مع مروان بابلو أو مهرجان خربان مع ويجز. الأمر ذاته ينطبق على فريق خبط وزوكا. في جميع هذه الحالات، أدى التقريب بين صنفين مختلفين إلى ظهور صوت ثالث جديد ومنعش. تسير هذه الأغاني في اتجاهٍ مبشِّر وواعد، بينما يسير تراك مش هقدر حد في الاتجاه المعاكس.

يحاول كل من أبيوسف وإسلام شيبسي إرضاء جمهوريهما بشكلٍ منفصل. بارات أبيوسف التي يلقيها على بيت تراب وبايس عنيف ونغمات تلصق بالأذن قد يكون من أفضل ما قدمه هذا العام، لكنه كان سيربح كثيرًا لو نزّلها بشكلٍ منفصل. أما شيبسي، فيؤدي وصلته الموسيقية المكررة التي لم تتغير منذ سنين، ليبدو كممثل كوميدي محبوس في نفس الشخصية التي يعيد إحياءها باستمرار. وأخيرًا يأتي شعبان عبد الرحيم، للاستفادة من اسمه قبل غنائه، وإضفاء كليشيه قديم وحس كوميدي ونوستالجي على التراك. ينهي شعبان التراك بلازمته: “بس خلاص” التي كان من الأجدر أن يقولها في منتصف التراك لينهيه مبكرًا.

في موسيقى المزج، عادة ما يقوم طرفان بمزج وغصب موسيقاهم على بعضها بشكل سطحي، عن طريق تركيب ألحان وأشكال مبسطة من نوعين موسيقيين لا يمت أحدهما للآخر بصلة، لينتهي الأمر بمنتج مشوِّه يشوبه الاستسهال، فلا يسفر عن دمج حقيقي أو نشأة منتج أو صنف موسيقي جديد. بالرغم من شكل موسيقى المزج هذا، المشوه بالأساس، لم يبذل أبيوسف ولا إسلام شيبسي أقل مجهود لتركيب موسيقاتهم سويًا. يؤدي أبيوسف وشيبسي دوريهما بشكلٍ متسلسل منفصل، كوصلات إعلانات ملصوقة ببعضها البعض، دون أي تفاهم أو التقاء.

ما المقصود بإنتاج تراك كهذا؟ يجمع مش هقدر حد ثلاثة فنانين مصريين، فيستهدف بالتالي الجمهور المصري أولًا ثم العربي، لكنه لا يكشف سوى عن انقطاع عن الواقع المصري وعدم فهمه، كشخص أجنبي يحاول جمع كل ما هو غرائبي وتقديمه في هيئة فرقعة إعلانية، مستندة على وعود مفرغة وقاصرة بالتجديد والتمرد الإبداعي، ومنتهية بخلل واضح في التدفق والاتجاه، وبمعادلة فقيرة تجمع ثلاثة موسيقيين وتخرج بأقل ما يمكن الحصول عليه منهم.

المزيـــد علــى معـــازف