.
لا تترك مهرجانات علاء فيفتي للمستمع مجالًا كي يحدد موقفه منها، فهي تتسلل بمقدمات تتكرر كل مرة بتوزيع أكثف وأرقص، وصلات إيقاعية كل واحدة منها أطول من الأخرى، تقنيات عزف غير تقليدية على الأورج، وعينات صوتية جديدة على المهرجانات وملائمة لها. بسبب سعة اطلاعه، لم تعد إيقاعات الطبول والنحاس والحلقات الإلكترونية التقليدية تأكل مع فيفتي، فلم نسمعها تسيطر على أي من مهرجاناته من شهور، حل محلها منتجي إيقاعات يعملون لكل مهرجان وكأنه مشروع تخرج. مع كل مهرجان كـ الحفلة الكبيرة، يدفع فيفتي حدود المهرجانات بعض الشيء، ويكشف أن للمهرجان ألف طريق إلى آذان المستمعين وخصورهم غير الطرق التقليدية.
عندما سمعنا هذا المهرجان أول مرتين أو ثلاث كان مستفزًا وصعبًا على عدة مستويات، لكنه جذبنا بعناد لنسمعه مجددًا. خلاف أداء لازمات محتشمة ميالة للغناء الشعبي، من الواضح أن تقليد كتابة مهرجانات لمغنيات إناث لم يتطور بعد، على الأقل لم يتطور ليتجاوز أسطر من قبيل: “لكن أنا ضعيفة / ضعيفة جدًا” أو “الواد بيلاغي بيلاغي / طب سلامات يا دماغي.” لكن ما بدأ مستفزًا أصبح بعد كم سماع طريفًا ثم مسليًا. يبقى المهرجان غير مصقول غنائيًا وكلماتيًا، لكنه متى ما كسر حاجز الغرابة مع المستمع يصبح محروفًا وجذّابًا أيضًا. على كلٍ، يبقى أفضل ما نحصل عليه هنا هو التوزيع، عند الدقيقة ٠١:٣٥ يأتي مادو الفظيع بوصلة إيقاعية وزخرفات تابعة لها لا نسمع مثلها سوى منه.
في المهرجانات، يشمل دور الموزع كافة المهام التقنية الفنية تقريبًا، من التسجيل والإنتاج والإتقان (في حال تم إتقان المهرجان) إلى التوزيع وأحيانًا عزف بعض الآلات الإيقاعية. لهذا فإن لكل من رواد التوزيع في المهرجان اختصاصه، ومن ضمن فريق النخبة الذي يضم أسماءً مثل حاحا وإسلام ساسو وحتحوت ورامي المصري، يعد مادو الفظيع صانع الإيقاعات الأقوى بلا منازع. الوصلات المميزة والصايعة والمفعمة بالأسلوب التي أتى بها مادو خلال السنوات، والمتراوحة بين الشعبي والمهرجانات والمولد، ساهمت منفردةً بتشكيل هذه الأصناف وفتح آفاق فيها. بوم بوم – من إنتاج وتسجيل استوديوهات ١٠٠نسخة تحت مشروع إلكترو شعبي – هو فرصة للتشبع من إيقاعات مادو الفظيعة.
قد يكون الباور العالي أكثر ثنائي مهرجانات تجريبًا، سواءً عندما يكون تجريبهم مفيدًا أو لا يكون. تجاربهم مع الموسيقى الإلكترونية الراقصة لا تخلو من مخاطر ترجمة المهرجانات وشدها نحو موسيقى المزج، لكن في مهرجانات كـ كوكب خربتون، يجد الباور العالي طرقًا للتجريب دون إدخال عناصر أجنبية، يعملون على توزيع تقليلي هادئ نسبةً للمهرجانات، يفسحون مجالًا لوصلات إيقاعية أنيقة كالتي تبدأ عند الدقيقة ٢:١٧، ويزخرفون القفلة بظهور خجول ومذوق للبيانو، بما يسمح لهم بالاستفادة من الإمكانيات التي فتحها مهرجان لأ لأ دون التقيد بشكله على نحوٍ حرفي.
إلى جانب كونه الاسم الأوَّل على قوائم الاتصال السريع الخاصة بمغنّي المهرجانات، يحاول عمرو حاحا تطوير صوته الخاص عبر المهرجانات التي ينتجها كمشاريع فردية في الاستوديو الخاص به، لينشرها على قناته على يوتيوب. في هذه المهرجانات يبدو أن مغنّي المهرجانات هم من يعملون على تجسيد أفكار حاحا، لا العكس. صحيح أن جميع هذه المهرجانات متقنة إنتاجيًا وتوزيعيًا، إلا أننا نسمع في بعضها حذرًا غريبًا على حاحا، يفقده بعضًا من حدته أمام موزعين منافسين. طب ليه، على الجهة الأخرى، هو مهرجان يذكرنا لماذا لا يزال حاحا متربعًا على العرش. اللازمة الغنائية التي يفتتح بها المهرجان تحكم قبضتها علينا، قبل أن تتوالى مقاطع ثلاثة مغنين مغرقة بالأوتوتيون، وتوزيع حاحا المتزن الذي لا يشعر بحاجة للصخب والضجيج ليمتع المستمع.
https://www.youtube.com/watch?v=WfPvKDyAc5I