fbpx .
لنا مش لأي حد ثاني | مقابلة مع ياسين العبار (نورف)

لنا مش لأي حد ثاني | مقابلة مع ياسين العبار (نورف)

شاب روكي ۲۰۲۵/۰۱/۲۱

أولًا ياسين، حاب أعرف منك كيف بدت فكرة نورف أفريكا؟

بديت مشروع نورف أفريكا في أكتوبر ٢٠١٩، لكن الفكرة كانت في راسي من ٢٠١١. قبل الثورة الليبية، كان عندي صاحب يدير في راب بالعربي، وكان يكتب أغانيه ضد النظام السابق وكان يسمع في رابرز زي لطفي دوبل كانون والجماعة هذوما.

في ٢٠٠٩ كنت نساعد فيه باش يدير وينشر أغانيه على المدونات. لما صارت الثورة الليبية مشيت لليبيا وساعدته باش ينشر موسيقته هناك لأني كنت نشتغل مع الصحافة. في الوقت هذاك كانوا الناس يتبادلوا في الأغاني بالبلوتوث، وقعد مشهور.

لما رجعت لبنغازي لاحظت إن فيه ناس يديروا في راب وكانوا شاطرين، فبديت نساعد فيهم في أعمالهم. من وقتها قعدت متعمق في السين ونسمع واجد للراب في شمال أفريقيا. كشخص متغرب، علاقتي ببلادي كانت ديما مرتبطة بالموسيقى. 

لما نسافر لأي مكان، ديما ندور على الموسيقى اللي الناس يسمعوها، خصوصًا الراب لأنه هو اللي كبرت عليه. كان عندي ديما الفكرة هذي في راسي: فيه موسيقى متميزة في كل مكان لكن ما فيه حد ينشر فيها. وأنا صغير كنت مهتم بالمدونات زي نا رايت وتوو دوب بويز، هذوما كانوا ناس ذويقين يحطوا ملفات إم بي ثري للموسيقى لي تعجبهم.

لما انتقلت لأركنساس بسبب شغلي، كنت ساكن في مدينة صغيرة فيها حوالي خمسة آلاف شخص، كنت في حالة ملل، ومن هنا بديت فكرة نورف أفريكا. قلت ليش ما نبدأ بالمغرب العربي، من ليبيا للمغرب، وبديت نشارك الأشياء اللي حسيتها مميزة مع شوية حاجات من الثقافة والتاريخ.

في البداية ركزت واجد على موسيقى الراي، لأنه من زمان تعجبني من الشاب نصرو للشاب حسني. جهزت خطة محتوى، وما كانش عندي حياة اجتماعية في المكان اللي كنت فيه، فاستغليت الوقت ونزلت محتوى بكثرة. بديت نجذب فالجمهور ونتعرف على المشهد والفنانين، وجربت حتى نكتب على الموسيقى وهكي طورت ذوقي. 

نورف أفريكا توسع بعدها لمصر والسودان. حتى واحد من أصحابي الفلسطينيين في شيكاغو، كنا نتلاقوا ونسمعوا في الراب العربي زي تريبي بويز من تونس وحليوة من المغرب. بعدها بديت حساب بلاد الشام مع صاحبي أحمد الأشقر بنفس أسلوب نورف أفريكا. هذا المشروع جاء من حبنا للمشهد، أحمد كان رابر، وأنا كان عندي حماس وطاقة بعد فترة الربيع العربي وحطيتها في الجانب الثقافي.

إيش المفهوم ورا هذا التايب؟

أنا كبرت في فترة كانت مليانة ميكس تايبس، وكان فيه موقع اسمه دات بيف وناس زي دي جاي هو كيد ودي جاي دراما ودي جايز مختلفين. بالنسبة ليا، المشهد العربي هو اللي مميز بين كل المشاهد الثانية، لأن الإعلام التقليدي كان بطيء جدًا في تقبّل الراب، فالراب تطوّر بروحه، بشكل مستقل. 

واحد من أهداف نورف أفريكا هو كسر الحدود بين المشاهد المختلفة، وحاس إن من وقت ما فتحنا الحساب، قعدوا الرابرز يعرفوا بعضهم، وصاروا يتعاونوا أكثر. وطبعًا دخول شركات الإنتاج الكبيرة للمشهد ساهم في تغييره. فكرة الميكس تايب كانت بالنسبة لنا التطوّر الطبيعي للحاجة اللي نديرو فيها، أن نصنعوا شيء يقعد موجود ويعكس المرحلة اللي وصلنا لها. 

خذينا وقت طويل، تقريبًا سنتين، وصرفنا فلوس من جيوبنا. قررنا نمشو لمراكش، أجرنا بيت وجهزناه بكم استوديو، وعزمنا فنانين من كل المغرب. كان فيه ناس واجد، حوالي ٢٦ فنان، والأغاني اللي طلعت من الإقامة الموسيقية هذي شكّلت الأساس للميكس تايب. 

حضروا ناس زي سمول أكس، راستي، لون، فيغوشين، المهدي وغيرهم. كان فيه تراكات واجد ما خشتش في الميكس تايب، مش لأنها مش كويسة، لكن لأنها ما ناسبتش الجو اللي كنا نستهدفوه. بعد الإقامة، كملنا الشغل عن بعد لمدة سنتين عشان نجمعو تراكات تكفي وتناسب الجو العام للميكس تايب. كان شغل كبير، ٢٦ فنان شاركوا من دول مختلفة، و١٦ بروديوسر اشتغلوا على ١٦ تراك. كان شغل متعب، لكن الحمد لله مشت معانا.

إيش اللي ألهمك؟

كانت فكرة واضحة بالنسبة لي إنه لازم ندير حاجة زي هكي والفكرة في راسي كانت ليش ما ننزل تايب يجمع فنانين من مشاهد مختلفة مع بعضهم. الإلهام جاي من حاجتين: ثقافة الميكس تايبس في أمريكا، والحلم إنه يكون عندنا مساحة نتعرفوا فيها على بعضنا من خلال الموسيقى ونتعاونوا باش نصنعوا حاجة باهية. 

كان فيه ناس مقربين زي رابر اسمه واي بي، نص مغربي نص فلبيني، وهو من أقرب الناس ليا ومن فريق نورف أفريكا أصلًا. هو اللي قالي إن لازم نديروها. أنا متعود إن أي حاجة نبدأها لازم نكملها للنهاية. الهدف كان إن التايب يكون حاجة مخصوصة لشباب شمال أفريقيا. مش حاجه للغرب، هذي حاجة تخصنا. 

ركزنا على حاجات مميزة، بغض النظر عن شعبيتها، وحرصنا إنها ما تكونش محصورة في نوع معين، حتى لو كان الأساس هو الراب. الفكرة كانت إننا نبينو تنوع المواهب الموجودة في المنطقة، ونبرز الناس اللي شفنا عندهم شخصية فنية مميزة.

أنت قلت أن الألبوم هذا مش للشتات وأنه لأهل البلد، كيف قدرت تعكس هذا المفهوم بالتايب؟

عن طريق اختياراتنا للفنانين، ركزنا على ناس عندهم الاحترام الفني وتاريخ قوي في مشاهدهم. يعني، لما جينا للجزائر، كنت عارف إن نيرمو لازم يكون جزء من التايب، لأنه يمثل حاجة كبيرة للمشهد الجزائري. التايب هذا مش بس لمتابعين جدد، هو مهم للناس اللي تابعوا المشهد من زمان وفاهمين تاريخه. زي لما يكون عندك كحلة من ليبيا، وجوده يضيف قيمة.

في النهاية، هذوما ناس فنانين، نقولهم الفكرة ونطلب منهم يرسلوا التراك، وإذا ناسب التايب، يكون جزء منه. ناس زي دا فايم، اللي في رأيي قدم أفضل فيرس في التايب في تراك لا لونا، كان لهم تأثير كبير. رغم أن مسيرته الفردية مش زي ما كان مع فرقته دابل دي، كنت ديما نحس إن عنده حاجة مميزة. في تونس، بس تقول اسم دابل دي، الناس يعرفوا إنه فعلًا فنان مختلف وله طابع خاص. 

خلال فترة تجميع التايب، حسينا إن الفنانين عندهم ثقة كبيرة فينا، رغم أننا كنا نشتغلوا على حاجة جديدة. هم واثقين إننا حنديروا حاجة تستحق، وإننا حنطلعوا بحاجة قوية تعكس الجهد اللي انحط فيها.

إيش الفرق بين تلقي جمهور الشتات والجمهور الشعبي أو المحلي؟

فيه فجوة واضحة بين الناس اللي عايشين برا البلد والناس اللي عايشين داخلها. أول حاجة هي اللغة، والقدرة على فهم اللغة العربية بعمق. ناس الشتات غالبًا يفهموا لهجات بلدانهم، زي واحد من ليبيا ممكن يفهم الليبي، لكن مش بالضرورة يفهم المصطلحات الشعبية العميقة اللي تُستخدم في الموسيقى. وبالتأكيد، حيكون أصعب عليهم يفهموا دارجات ثانية، زي التونسية أو المغربية مثلًا. أما الناس اللي عايشين في البلد عندهم فهم أوسع سواء لليبية أو التونسية أو المغربية. 

حتى من ناحية الذوق والعقلية، فيه فرق كبير. لما تعيش في البلد، تجربتك اليومية تصقل طريقة فهمك للأشياء، وتخليك تفهم الأمور بطريقة تختلف عن شخص عايش برا. هذا مش معناه إن حياة اللي في الشتات سهلة، لكنهم ما مرّوش بنفس الظروف أو التحديات اللي يعيشوها الناس داخل البلد. 

مثلًا، باش تفهم فنان من البلد، لازم تعرف هو من وين جاي وكيف كانت تجربته. ناس من برا ممكن يقولوا عن فنان إنه رهيب جدًا، لكن أهل البلد اللي فاهمين السياق يقولوا لك لا، هذا الفنان فايك. أنا شخصيًا جاي من الشتات، وأكبر مديح ممكن أي حد يقوله ليا هو إنهم ما توقعوش إن نورف أفريكا ماسكها حد عايش في أمريكا. السبب هو إننا قدرنا نقدموا حاجة بعيدة عن المنظور النمطي لعرب أمريكا.

كل الناس اللي لهم علاقة بنورف أفريكا ناس زي رشيد جباري، ناس عطوا حياتهم للمشهد، حتى لو المشهد مش مربح. في تجربة نورف كامب، كنا نعيشوا بطريقة بسيطة جدًا. 

كيف يمثل هذا التايب شمال أفريقيا؟

الفنانين اللي في التايب جايين من منطقة كبيرة، وموضوع اللهجات حاجة غريبة لأنه طول التايب تلقى روحك داخل وطالع من لهجة للهجة ثانية مختلفة. لكن من ناحية ثانية، الفنانين أبدعوا في موضوع التمثيل. وهُمَّ قاعدين كلهم يتكلموا على أكل بلادهم وحاجات أخرى وهُمَّ جايين يعطوك موسيقى. كل شي داروه يعطيك الصراحة بطريقة أو بأخرى. كونهم هُمَّ نفسهم هذا أكبر تمثيل لشمال أفريقيا.

إحنا عندنا اليوم الصراع الكبير بين المغرب والجزائر في كل حاجة، إيش كان أثر هالصراع على التايب؟ إذا كان موجود.

لا. الفنانين في النهاية شايفين إنه فيه حاجة قاعدة تنخدم للمشهد، وكانوا مقدرين الفكرة، يعني الناس اللي شاركوا. ماحد عنده مشكلة في الموضوع، بالعكس، كانوا فرحانين بالمشروع.

إيش كانت خطوات العمل، كيف وصلتوا للنقطة اللي كان التايب فيها جاهز للإصدار؟

نورف في النهاية مش ريكورد ليبل. بعد الإقامة، بدينا نجمعو لحد ما طلعنا بحاجة متماسكة، مع أجواء مختلفة. جمعنا حوالي أربعين تراك، ونزلنا منهم ١٦ فقط. ناس واجد حطوا موسيقى كويسة وما زال نبو ننزلوها في المستقبل. ونحنا ما عزمناش كل الناس، عزمنا ناس محددين.

بعد ما خذينا تراك ديزي دروس، وتراك الجزيرة لمانديلا، حسينا إن اللي عندنا مرتب. عمومًا، العملية كانت إننا نسمع ونشوف إيش يناسب ونرتب. وطبعًا الأساس بتاع المشروع هو المشهد المغربي لأنه الأول، ولأن الشعب المغربي كله يسمع راب. الصناعة عندهم مرتبة أكثر من أي بلد ثاني.

سمات التايب موسيقيًا في غالبه ما تختلف عن السمات المعروفة في الهيب هوب المغربي، يعني شفنا بوست بانك وإيقاعات راب مهجنة مع عناصر إيقاعية مغاربية وهاوس وحاجة جاية على إندي بوب، لكن باقي التراكات كانت في السمات المعروفة، أنا حاب أفهم السبب ورا اختياركم لهذي المنطقة الرمادية؟

عشان يكون فيه تنوع في الأذواق. فيه جانب مني يحب يسمع تراب، وفيه جانب ثاني يحب يسمع شي مختلف. الشي اللي كنا نبوه مش بس إننا نوري التنوع من ناحية البلدان، لكن برضو نوري التنوع من ناحية الأصوات. من الناس اللي اهتميت نجيبهم على التايب هو هادي معمر، وحتى نادر خليل. مش بس لحبي لشغلهم، لكن برضه عشان اللي يقدروا يديروه.

أنا أنصدمت لما سمعت تراك هادي معمر، أنا بيج فان للبوست بانك، فلما سمعته قلت أوف إيش هذا! 

هادي من احسن الفنانين في المشهد ونحنا نشوفوا فيه أنه من النخبة في المشهد وعنده الكثير لي يقدر يقدمه. 

إيش تراكك المفضل من التايب؟

يتغير من يوم ليوم، ممكن تراك أماش لكحلة حتى لأني ليبي من بنغازي فالتراك هذا يعنيلي الكثير والجزيرة لمانديلا عشان القصة اللي وراها. 

إيش اللي قدمه هذا التايب من وجهة نظرك للمشهد؟

سؤال حلو، هو احتفال بنفسنا، لنا مش لأي حد ثاني. هو قطعة صلبة ومتماسكة موجودة في المشهد. هذا اللي نقدر نقوله ومش حاب نكبر الموضوع، هو مشروع حلو وخلاص.

تسويقيًا، راب شمال أفريقيا هو الأكبر في المنطقة. كيف شايف تأثيره على المناطق المحيطة وأوروبا، ووين شايف مستقبله؟

نحس في السنوات الأخيرة الناس بدت تلاحظنا أكثر، في الشام مثلًا. الناس ما كانتش عندهم اهتمام موسيقيًا وثقافيًا، حتى ونحنا عندنا عمق نفس عمق أي ثقافة. نحنا شغالين في المشهد من زمان، والإعلام التقليدي بدا يلاحظ اللي صاير. اليوم نحنا الناس اللي قاعدة تشتغل، وقاعدين نخدموا بأحسن شكل. 

بالنسبة للمستقبل، وهي حاجة أنا خايف منها، الراب في منطقتنا خام ومستقل، بما أنه ما فيش فلوس واجدة. ممكن الموضوع يبدأ داخليًا بالإعلانات، لين ما يوصل للاحتكار في سوق الموسيقى العالمي، عشان يسيطروا على سوق موسيقى بتاعنا. 

هي في النهاية موارد زيها زي النفط والمعادن، فيبدأوا يغيروها كيف ما يبوا. للأسف نحس إن فيه شي زي هذا في الأفق. الناس اللي حيملكوا موسيقتنا هم الناس اللي عندهم فلوس لا نهائية جابوها من إصدارات الفنانين ولا أي حاجة ثانية يملكوها، وحيقدروا يتحكموا في من يطلع، وشن القيم اللي حتنطرح. وطبعًا، مش حتكون نفس قيم بلادنا. 

إيش الجاي لنورف، هل ممكن تستمروا بهذا النوع من المشاريع؟

أكيد، فيه حاجات واجدة تحت الخدمة، وبتكون فيه موسيقى زيادة مع محتوى مختلف، هذا اللي نقدر نقولك عليه، بس حيكونوا حاجات رهيبة.

 

المزيـــد علــى معـــازف