.
على مدى ٢٠١٨، لم تزدد المهرجانات سوى انتشارًا ولفتًا للاهتمام. أصبح مشهد مهرجانين أو أكثر مألوفًا في كل تحديث لقائمة الأغاني الأكثر استماعًا على يوتيوب في مصر، إن لم يكن هناك مهرجان على قمة القائمة. فيما انشغلت بعض الأسماء المتنافسة في الغناء والتوزيع، كـ سادات وفيفتي وعمرو حاحا ومادو الفظيع، بالتحديث والتجريب والخروج بوصفات جديدة تحافظ على الزخم الإبداعي والصدامي للمهرجانات. بعض أكبر نجاحات المهرجانات للعام كانت عفويةً تمامًا، كالنجاح الكاسح لـ حمو بيكا.
يبدأ هذا العمل كأغنية شعبي، يستعرض فيها مجدي شطة قدراته الصوتية والأسلوبية في التطريب في هذا المجال، قبل أن يبدأ مادو الفظيع بالتحايل على الأغنية عبر التوزيع، وسحب البساط بالتدريج مع كل دفعة إيقاعات، حتى تتحول في نصفها الثاني إلى مهرجان راقص منطلق، يستفيد من قوة شطة في الغناء ومادو في التوزيع دون أن يفلت أيًا من الطرفين.
نزَّل علاء فيفتي هذا المهرجان للمرة الأولى على قناته القديمة قبل حذفها، حينها كان اسمه مهرجان الحفلة الكبيرة، ثم قرر إعادة العمل عليه وصقل إنتاجه، كما فضّل أن يلعب على تكرار بعض المقاطع بشكل متتالي لأكثر من مرة ليصبح المهرجان أخف على الأذن وأسهل على السمع، واستفاد من الكيمياء القوية بينه وبين مصطفى حتحوت، إلى جانب دي جاي إيبو، ليعيد طرح مهرجانه القديم تحت اسم عم الدنيا، برفقة فيديو تقليلي من إخراج شريك فيفتي المقرّب محمد مختار.
لا يزال أوكا وأورتيجا واقفان في ظل النجاح الكاسح لـ إلعب يلا، الذي أصبح أنجح مهرجان على الإطلاق حتى اليوم، لكنهما يحاولان في نفس الوقت اللحاق بشريكهما السابق محمد رمضان على سكة المهرجانات التجارية المصقولة، بإنتاجات أنظف وأكثر إلكترونيةً، من بينها جود بوي الذي قد يكون أرضى جمهور النوادي الليلية أكثر من جمهور المهرجانات، لكنه عرف كيف يبقي اسم الفرقة على الساحة على كل حال.
دخل عمرو حاحا خلال العام في أكثر من محاولة وتجربة لتحديث صوت المهرجانات وتمديد زخمها، واجتمعت كافة المحاولات تقريبًا على تركيزه على صقل الأصوات وأخذ توجه تقليلي نسبيًا، لجعل أعماله أكثر نظافةً وقبولًا للبث الإذاعي / التلفازي مستقبلًا. من بين المحاولات هذا المهرجان مع شبرا الجنرال، الذي دُعم بفيديو يحاول أن يبني على نجاح مهرجان خربان الذي كان قد سبقه بوقتٍ قصير.
يقتبس هذا المهرجان بعض الشيء من توزيع البوب العربي في أواخر التسعينات ومطلع الألفينات، فيجمع الأصوات الإلكترونية والعينات الوترية في مزيج راقص بعيد عن موسيقى المزج.
لا يزال الصواريخ في بحثهم عن ضربتهم التالية بعد لأ لأ. رغم النجاح المقبول لمهرجان اللي بيشتكي مننا الذي تجاوز المليوني سماع على يوتيوب، إلا أن الرهان على لأ لأ ثانية قد يكون أقوى في مهرجانهم الأخير، الشباب الكبيرة. عثر الصواريخ على منطقة وسط في التوزيع بين مهرجانات محمد رمضان التجارية والمهرجانات الشارعية رخيصة الإنتاج، وأقحموا وسط ذلك استخدام كثيف لأصوات الأبواق، كما استفادوا من وجود زوكش بمجاله الصوتي القريب.
يمتلك شحتة كاريكا وصفة سرية مكنته من البقاء في الصف الأول من غناء المهرجانات لحوالي الثمانية أعوام. فبينما لا يمتلك تفضيلات أسلوبية قوية وواضحة، إلا أنه يعرف كيف يركب كل موجات وصيحات المهرجانات الجديدة ويشدها نحو صوته الخاص، ربما يساعده على ذلك امتلاكه لكاريزما أدائية خشنة قوية، قادرة على تطويع كل ما تمر عليه. في ما تزعلش، اتخذ شحتة كاريكا قرارًا جريئًا بالتعاون مع الثنائي المغربي الأصل أحمد وغزلان، في تجربتهم العلنية الأولى في المهرجانات، وتمكن الثنائي من تسجيل مهرجان مصقول ومنتج بإتقان جعل جرأة وثقة كاريكا في محلها.
بينما يختص موسيقيو المهرجانات إما بالغناء أو العزف أو التوزيع، قد يكون أحمد شيكو، أو المايسترو أحمد شيكو كما يفضل أن يقدم نفسه، أقوى موسيقي مهرجانات يغني ويوزِّع ويعزف أغانيه في نفس الوقت. في هذا المهرجان، يعرف شيكو كيف يوزِّع لصوته الخاص، يكتب كلمات تناسب المزاج، ويوازن بين عينات الصوت الإلكترونية والوترية، ليخلق مهرجان شخصي، راقص وداكن، يصعب طرده من الأذن.
ازدادت أهمية الاسكندرية في المهرجانات بشكل كبير خلال العام، خاصةً مع اكتساح حمو بيكا وفيجو الدخلاوي، لكن أيضًا ممثلين الاسكندرية القدامى مثل الدخلاوية. يلتزم أنا اللي ادمر ببنية المهرجان الاسكندراني، الطويل نسبيًا والذي يقوم على تكرار وحدة إيقاعية واحدة باستمرار، باستثناء إضافة مقطع راب صغير نسمعه في أول ومنتصف هذا المهرجان، بشكل يساعد على تمييز أنا اللي ادمر من بدايته.
هناك عشرات الأسماء من عازفي الأورج والطبول والمزمار وموزعي الموالد في مشهد المهرجانات، وهناك مادو الفظيع. يمتلك مادو حزمة مهارات عريضة، تمتد من صناعة الإيقاعات إلى عزف الكيبورد إلى التسجيل والإنتاج، بشكلٍ يجعله أحد أقوى موزعي المهرجانات في مصر، ربما يقف كتفًا بكتف مع عمرو حاحا في قمة المشهد. رغم أن مادو يميل في معظم الوقت لتوزيع مهرجانات لمغنين، إلا أنه في هذا التعاون مع استوديو ١٠٠نسخة منحنا فرصة للاطلاع على موهبته البحتة في العزف والتوزيع، عبر تسجيل كوكتيل الإيقاعات الآلاتي المذهل والمتفجر بالطاقة هذا.
بحوالي عشرين مشاهدة بين النسخة الصوتية والمصورة من المهرجان، لا يزال دراكولا أنجح مهرجانات سادات العالمي خلال العام. ساهم بنجاح المهرجان المخرج عمر دونجا الذي فصّل الفيديو على مقاس شخصية وكاريزما سادات العالمي، بدلًا من تصوير فيديو مهرجاناتي عام يصلح لأي مغني. كذلك استفاد المهرجان من توزيع رامي المصري الذي جمع بين أصوات المهرجانات وأغاني التراب ضخمة الإنتاج كما نسمع في المقدمة.
خلال الأعوام الماضية، أسّس باسم فيجو لنفسه كصانع ترندات وصيحات في المهرجانات. ينشر عددًا قليلًا جدًا من المهرجانات كل عام، ثم يدعمها بالعشرات من فيديوهات ومكسات الميوزيكلي والأداءات في الأفراح والحفلات، حتى تصبح مهرجاناته القليلة مألوفة في كل الأوساط والأماكن. افتتح باسم العام بالمهرجان المزدوج خنت كم مرة / السنجلة جنتلة، ثم أتبعه بعد عدة أشهر بـ أنا أنا، وتجاوز كلاهما عتبة المليون سماع.
بين كلماته الساخرة التي تشاكس محمد رمضان وإيقاعاته الثابتة ولازمته البسيطة المكونة من كلمتين وسطر كيبورد، يثبت للأقوى البقاء أن قاعدة “الأقل بيعمل أكثر” تنطبق على المهرجانات أيضًا، إذا لا تساعده بساطة التوزيع إلّا على الالتصاق بأذن المستمع بسهولة أكبر.
لا يزال حضور المغنيات في المهرجانات مشوشًا ومترددًا. هناك مغنيات الشعبي اللواتي يأخذن ميلة المهرجانات أحيانًا، لكن نبقى غير قادرين على نفض خلفيتهم الطاغية والواضحة في الغناء الشعبي. استوب اللوب هو أحد الاستثناءات البارزة على هذا المستوى، بكلماته المحرجة المضحكة وديناميكية الغناء غير المألوفة بين المغنيتين الجديدتين ساندي وهايدي، استطاع مادو الفظيع توزيع أكثر مهرجان مغنيات إثارةً للفضول حتى الآن، مطعمًا إياه بأسطر الإيقاعات المزمارية العريضة التي يعرف بها.
فيفتي هو أحد أكثر مغني الصف الأول في المهرجانات انفتاحًا على العمل مع أسماء جديدة ومختلفة، سواءً في الغناء أو التوزيع. هذه التعاونات تصيب وتخيب، لكنها في حالة بلعب أساسي، التي تعاون فيها فيفتي للمرة الأولى مع الموزع مولوتوف، تصيب في المركز. بإيقاع تقليلي بالنسبة للمهرجانات، وإلقاء هادئ من فيفتي، يأتينا بلعب أساسي بصوت بين المهرجانات والتراب لكنه ليس هذا ولا ذاك. يصل المهرجان ذروته في المقطع الرئيسي الذي يلقيه فيفتي خلال الثلث الأخير، والذي ينجح في كل مرة بشحن المستمع لدرجة تضمن دفعه لتكرار الاستماع.
للحظة، بدا سيب الـ هاه أنه سيكون خليفة لأ لأ وإلعب يلا، إذ بدأ بتشكيل صرعة على السوشال ميديا وفيديوهات الميوزكلي، واستفاد من حس الفكاهة في كلماته وإلقائه لينتشر بسرعة خرافية. رغم أن المهرجان توقف لاحقًا عند حدود المليوني سماع ولم يبلغ المدى المتوقع منه، إلا أنه ظل مألوفًا طوال العام، وأصبح أقوى الأعمال التي وزعها إسلام ساسو في ٢٠١٨.
حاول البعض تخمين سبب النجاح الفجائي والكاسح لحمو بيكا خلال العام الماضي، رغم أنه ظاهريًا لا يقوم بأي شيء مختلف عن تقاليد المهرجان الاسكندراني المقياسي، لكن ربما سبب نجاح حمو بيكا هو حمو بيكا نفسه. أداءه الخشن المنطلق المعتد بنفسه إلى مدىٍ بعيد، انفتاحه التام وغير الحذر على فيض التعاونات التي تقترح عليه، وتكرار عمله مع بعض الأسماء المضمونة كالموزع فيجو الدخلاوي وكاتب المهرجانات الشاعر الفاجر. كلما ابتعد بيكا عن فلترة أعماله والتفكير بها، كلما أتت هذه الأعمال أقوى وأعنف.
https://youtu.be/APsq9RIW48g
عند مرحلة معينة العام الماضي، لم نعد متأكدين هل نفكر بمحمد رمضان كممثل يغني المهرجانات بشكل جانبي أو كمغني مهرجانات يمثل بشكل جانبي. فجأةً، تحول إلى واجهة للمهرجان التجاري المصقول، والآتي من خلفية المهرجانات الدعائية كـ أقوى كرت في مصر الذي سجله بالتعاون مع اتصالات. على كلٍ، في نمبر ون على وجه الخصوص، استطاع رمضان تقديم عمل موسيقي صايع وإدماني بالفعل، بأصوات المزامير العريضة والكلمات السهلة واللازمة الآلاتية، ليصبح رسميًا أكثر المهرجانات سماعًا على الإطلاق خلال ٢٠١٨.
تحدث عمرو حاحا وسادات العالمي بصراحة على السوشال ميديا عن تخوفهما من إصابة المهرجانات بخطر التكرار والملل، ورغبتهما بالبدء على العمل على صوت جديد ومنعش ينقذ المهرجانات من هذا الخطر، وليس بإمكاننا تخيل عمل ينجح بتحقيق هذه المهمة بقدر ما نجح بها مهرجان خربان. الديناميكية الجذابة بين صوتي سادات العالمي وويجز، والتوزيع النظيف والمصقول من حاحا، إضافةً إلى الفيديو الذي تحوَّل إلى موضة راقصة على السوشال ميديا، كلها صبّت في تشكيل ما قد يكون المهرجان الأقوى خلال الصيف الماضي.
“إصحي وفوقي يا بلد / مزيكا جديدة بتتولد” افتتح علاء فيفتي ٢٠١٨ بهذا المهرجان الذي يبدأ بهذا الوعد الكبير، وعلى طول العام، عمل فيفتي على تحقيق وعده، وأصدر سلسلة أعمال تقرِّب بين المهرجانات والراب والتراب، وتفتح هذه الموسيقى على مصادر جديدة من الطاقة والحركة والتوزيع، ممدًا في عمر المهرجان وكأنه يعيد اختراعه للمرة الثانية. تعاون فيفتي هنا مع حتحوت وزوكا الذين عثر معهم على كيمياء ممتازة سمعناها في مهرجانات أخرى مثل بتبيع بكام وعم الدنيا.