.
https://www.youtube.com/watch?v=_RAMF9X3JFc
عندما يُسأل رجل أبيض عن الروك آند رول، يجيب ببساطة أنه جاز، وأن الجاز هو روك آند رول. بهذا الجواب يُحجّم الرجل الأبيض الجاز ويضعه في سياق ثقافته وانجازاته، مُنحّياً إياه إلى مكان تابع وثانوي في الإرث الغربي. يعترض رجل أسود على هذا الجواب، ثم يذهب النقاش عن مدى ارتباط الجاز بالزنجي، وعن إمكانية وجوده إصلاً من دون الزنجي. هكذا يبدأ هذا الفيلم المقالي الذي يحمل آراءً قوية، وجدها الكثيرون (البيض) مفرطة بالحدة، يطرحها علينا المخرج إدوارد بلاند من خلال شخصيات الفيلم المجتمعة في حفلة خاصة.
يأخذ هذا الطرح شكل نقاش يحتد ثم يهدأ ثم يحتد بين مجموعة من البيض والسود في شقة ما في شيكاجو، المدينة التي احتضنت مشهداً غنياً ومؤثراً لموسيٍقى الجاز. يتخلل النقاش لقطات من هذا المشهد، جميعها لعازف مغمور في ذلك الوقت. ذلك العازف هو صن رع، الذي سيصبح أحد أكثر الموسيقيين الأمريكيين تأثيراً وابتكاراً. تُعرف تلك الفترة من مشوار صن رع Sun Ra بـ فترة شيكاجو وتتميز بكونها الفترة التي شهدت آخر أيام عزفه وتأليفه لموسيقى لم تكن مغايرة بشكل كبير. انطلق صن رع بعد هذه الفترة ليصبح موسيقياً وصانع أفلام وشاعراً، وليكون من أهم مؤسسين حركة الأفرو–مستقبلية Afro-futurism، والتي شملت الموسيقى والأدب والفن والأفلام ويستمر تأثيرها حتى اليوم.
اختيار المخرج إدوارد بلاند الحصري لـ صن رع مثير للتساؤل، إذ لا بد أنه رآى بوادر التوجهات الجديدة في موسيٍقى صن رع وإمكانيات تأثيرها على الجاز. لكنه في الوقت نفسه يؤكد في الثلث الأخير من الفيلم – من خلال أحد الشخصيات – أن “الجاز مات” وأن كافة امكانياته قد تم استنزافها. ظهر الفيلم في عام ١٩٥٩، وما كانت إلا سنوات قليلة بعدها حتى قدّم صن رع رؤيته لموسيقى جاز جديدة حطمت حدود هذا الفن وفتحت أبوابه على مصراعيها.
بعد سنوات كثيرة لم يحظى فيها الفيلم بأي اهتمام، اكتشف الباحثون والآكاديميون صرخة الجاز مرة أخرى وهو يعتبر الآن أحد أهم أمثلة أفلام السود–الأمريكيين المستقلة. كان هذا الفيلم الوحيد لبلاند، الذي اتجه بعدها للموسيقى بعدها وحقق نجاحاً كمؤلف ومخرج موسيقى مسرحية.
تم تعديل عنوان هذا المقال في ٢٢ أيار ٢٠١٦.