.
سمعت خالد للمرة الأولى في أواخر ٢٠١٦. كان حينها مغني الآر آند بي الصاعد المتأثر بالـ فولك (folk)، والذي أصبحت أغنية لوكايشن من ألبومه الأوَّل أمريكان تين (٢٠١٧) حديث الجميع صيف ذلك العام. بجيتار هوائي وصوت خالد الممبلي (نسبةً للمبل راب) الذي ميّز أسلوبه عمومًا، جسّدت الأغنية حقبة ما بعد ويكند (Weeknd) في الآر آند بي، حيث لا يتحدث مغنو الآر آند بي المراهقين عن الشهوة أو كسر القلب أو المخدرات، بل عن العثور على الحب عبر السوشال ميديا، وعن أزمات الصحة العقلية والنفسية، كما في كلمات خالد: “لا أريد الوقوع في الحب على التغريدات الفرعية / دعينا نلتقي شخصيًا.” امتلك المغني ابن التسعة عشر عامًا أسلوبه الخاص، وقاعدته الجماهيرية العتيدة على السوشال ميديا، ليظهر على فيديوهات سنابشات إلى جانب مشاهير مثل كايلي جِنر. غطت موسيقى خالد أيضًا مواضيعًا مراهقة، كأن تقيم حفلة في بيت أهلك وتصرف كل ما لديك من نقود دون أن ينشغل بالك، كما في أغنية Young, Dumb & Broke. منذ ذلك الوقت، تعاون خالد مع بعض من أهم الأسماء في الموسيقى المعاصرة مثل لوجيك وكالفن هاريس، وأصبح ثاني أكثر موسيقي استماعًا على سبوتيفاي.
بعد كل ذلك، أتى ألبوم فري سبيريت، الذي يقترح عنوانه أن خالد تخلى عن طيشه المراهق المحبّب لينتحل شخصيةً أكثر نضجًا، ويتحدث عن مواضيع “البالغين” كتعاطي الماريوانا. يضم الألبوم تعاونات إنتاجية مع أسماء كبيرة في الهيب هوب مثل مردا بيتز وهيت بوي، كما يضم تعاونات مع منتجين من خارج الهيب هوب مثل ديسكلوجر وجون ماير، وهو أمر مبهر بحد ذاته، لأن لا أحد هذه الأيام يبدو قادرًا على الوصول إلى جون ماير، ما بالك إقناعه بإنتاج أغنية. حتى شركة التسجيلات التي تعاقد معها خالد خصصت ميزانية كاملة لتصوير فيلم يصاحب إطلاق الألبوم. هل كان فري سبيريت بالتالي نقلة خالد الكبيرة من المراهق ذو الأسلوب المميز إلى نجم البوب الكبير، كما حصل قبلًا مع جستن تمبرلايك وإد شيران؟ ليس تمامًا.
بـ ١٧ أغنية، يبدو الألبوم ممطوطًا في الكثير من اللحظات، وتظهر فيه تأثرات قوية بالصوت المعاصر للـ بوب / آر آند بي. تدور معظم الأغاني حول خالد وهو ينهي علاقاته وصلاته مع المقربين إليه، ليطارد أهدافه المهنية ويتعامل مع أزمته الوجودية (مرحبًا بك في العشرينات يا خالد). يمهّد خالد لنبرة الألبوم المحبطة عبر الجملة الافتتاحية: “كل تركيزي منصب على أن أضع نفسي في المرتبة الأولى.”
يشهد الألبوم أيضًا تخلي خالد عن جيتاره وغنائه بطبقة الباريتون، لصالح مزيج من البوب المعاصر وتأثرات بأناشيد الروك التجارية الثمانيناتية، وهو مزيج يصيب ويخيب. أغنية هيفِن، التي كتبها مغني الفولك روك فاذر جون ميستي، تبدو كإحدى أغاني يو تو من الألفينات المبكرة. يطلب خالد من الله أن يقدم له عرضًا للذهاب إلى الجنّة بما أنه لم يعد لديه ما يقوم به على الأرض. تأتي الأغنية في نهاية الألبوم، لتعزز ثيمات الفراغ والهجر التي ظهرت بتكرار خلال الألبوم، كما في أغنيتي ألايف وسِلف. بالمقابل، تبدو بعض أغاني الألبوم شديدة الشبه بتوليفة الآر آند بي / البوب المعاصرة، لدرجة تمحي هوية خالد الخاصة. في باد لاك مثلًا، يكاد يصعب التأكد من أن خالد هو نفسه من يغني.
لكن هناك بعض الأغاني التي تنشق عن هذين السيناريوهين. في الأغنية البارزة من الألبوم، بارادايس، يعتنق خالد تجربة النضج: “تدخين الـ هيملايان هايز (نوع ماريوانا) / لن يمحي كل خطاياك.” تحمل الأغنية روحًا هيبّية وتوزيعًا متأثرًا بالفنك، لتكسر رتابة النبرة الكئيبة المخيمة على الألبوم. أغنية بلّفين هي مثال عظيم على قدرة خالد على الغناء بصحبة إيقاع سول استعادي، فيما أدّى استخدام البيتش شيفتر (تأثير تغيير طبقة الصوت) في أغنية سِلف لمنح الأغنية عمقًا صوتيًا.
الألبومات الثانية عادة ما تكون مرحلة حرجة، خصوصًا عندما تكون فنانًا يحتل المركز الثاني شعبية على سبوتيفاي. كان بإمكان خالد أن يستمر بتنمية صوته الخاص وربما التجريب قليلًا، أو أن يسلك الطريق الآمن وينتج موسيقى تندمج بسلاسة ضمن قائمة أكثر ١٠٠ أغنية سماعًا في الولايات المتحدة، حتى لو أتى ذلك على حساب صوته الخاص. من الواضح أن خالد اختار الطريق الثانية. يمتلك فري سبيريت أكثر مما يلزم ليصبح ألبومًا ضاربًا تجاريًا، لكنه لا يمتلك ما يكفي ليصبح ألبومًا أيقونيًا ذو عمر طويل وأثر مستمر.