سادات العالمي السادات فرعون مهراج مهرجانات معازف مراجعة إنت عبيط يلا ويجز مدني دي جاي أحمد فيجو إيدو
مراجعات

إنت عبيط يلا | دي جاي فيجو وسادات وويجز وفرعون وإيدو ومدني

عمار منلا حسن ۱۷/۱۰/۲۰۱۸

قبل حوالي خمسة أشهر، اشتغل سادات العالمي ودي جاي أحمد فيجو مع مغني التراب مروان بابلو لتسجيل ريمكس مهرجاناتي من أغنية عايز فين. كان هذا الريمكس بدايةً لموجة تعاونات بين سادات ومشهد التراب الصاعد في مصر، وخلال الفترة الماضية تعاون سادات مع أكثر من رابر ومنتج ضمن هذا التوجه ليصدر ويظهر في عدة أعمال، أفضلها مهرجان خربان، أحد أقوى الأغاني التي صدرت في مصر الصيف الماضي. اليوم، يعود سادات للتعاون مع فيجو مجددًا على “مهرجان تراب” جديد، يدفعنا للتساؤل عن مدى النضج الذي بلغه الاثنان في تطوير هذا الصوت.

من أبرز ما يستحق سادات الثناء عليه في توجهه الأخير هو اختياراته في التعاونات، ففي كل مرة التفت فيها إلى مشهد التراب التفت إلى الأسماء الصحيحة. يمكن المجادلة بأن أول وأكثر اسمين عمل معهما، مروان بابلو وويجز، كانا الأهم في تشكيل صوت التراب المصري هذا العام. في إنت عبيط يلا، أضاف سادات إلى صفّه اسمًا جديدًا مُحمسًا، الرابر الفتي ذو الأسلوب الحاد من شبرا الخيمة، فرعون. بدأ فرعون في الراب منذ حوالي خمسة سنوات، وأصدر خلال العامين الأخيرين عدة أعمال شدّت الانتباه، معتمدةً على صوته الخشن قاسي التضاريس، وقدرته على كتابة كلمات لا تقل خشونةً وحدةً، ما جعل أسلوبه قريبًا من الراب المصري والمهرجانات في آن.

على عكس فرعون، يمتلك ويجز صوتًا أملسًا ومصقولًا، قادرًا على إمساك النوطات عندما يريد، وعلى التنقل بين الطبقات الوسطى والحادة بسهولة وكأنها حجرة الجلوس في بيته. بين الصوتين المتقابلين لفرعون وويجز تنفتح مساحة أسلوبية واسعة ومغرية، يملؤها كل من فيجو ومدني، والصوت الخبير والكاريزماتي لسادات العالمي، الذي يروض إيقاعات المهرجان المتقلبة وكأنه في مسابقة ركوب أمواج. على مستوى الغناء، لا يمكننا أن نطالب بأكثر مما نحصل عليه هنا، خاصةً أن هذه الوجبة الدسمة تم تقديمها على مدى ثلاث دقائق مكثّفة.

رغم أن المهرجان يفتح بابه للراب والتراب، لكنه يفعل ذلك فقط ليهضم هذه الأساليب ويطوعها لصالح المهرجانات. يتضح ذلك من أسلوب دي جاي فيجو الذي عندما وزِّع ألحان عمرو إيدو أعطاها إيقاعات وأصوات مهرجاناتية بحتة. يستفيد فيجو من كون المهرجانات موسيقى لا حدود لها عندما يتعلق الأمر بالتوزيع، ففي المقدمة نسمع سطر جيتارٍ كهربائي تتبعه ما يبدو أنها عينات سيتار ثم ظهور قصير ومتكرر لعينات الكمان. هذه الغزارة في استخدام العينات ليست ملفتة بحد ذاتها، الملفت هو توزيع فيجو لكل مقطع على حسب مغنيه، وربط العينات بالأصوات الأنسب. يحصل فرعون مثلًا على الأصوات الإيقاعية والإلكترونية الخشنة في اللازمة، بينما تستقبل مقاطع ويجز أسطر بايس نظيفة وعينات أكثر هدوءًا، أما سادات فتواجهُه أسطر إيقاعية ديناميكية تنزل وتصعد بشكلٍ يظهِر قدرات صوته. يعتمد فيجو على التوزيع أيضًا لإدارة النقلات بين المغني والآخر، فنسمعه يعطي لصوت فرعون مجاله في بداية اللازمة عندما يكتم للحظة بقية الأصوات، بينما يرفع البايس في استقبال ويجز ليحضّر المستمع على تدفق وخامة مختلفين تمامًا عمّا سبق.

بين سعة حيلته في التوزيع وتمكنه الملفت على مستوى المهرجانات في الهندسة الصوتية، تمكَّن فيجو من إنجاح مهمة ليست بأيٍ من الأحوال سهلة، وهي استقبال بارات خمس مغنين، بكل ما فيها من اختلافات في طبقات وخامات الصوت وأساليب وتدفقات الإلقاء، صفّ هذه الأصوات في مهرجان كثيف من ثلاث دقائق لا تتسع لأي استراحة أو تهدئة، والخروج رغم كل ذلك بعمل مسبوك ومتين.

بينما نجح مهرجان خربان في تجديد المهرجانات عبر دفعها إلى مساحة جديدة وإفادتها من أصوات وتأثرات جديدة، ينجح مهرجان إنت عبيط يلا بالتجديد عبر القيام بالعكس تمامًا. يستقبل سادات العالمي ودي جاي فيجو تأثرات الراب والتراب، ويعرفان كيف يطوعانها ويستفيدان منها لإنتاج صوت هو مهرجاناتي بشكل بحت، صوت جديد ومألوف في آن، قادر على جذب جماهير جديدة إلى المهرجانات دون خسارة أي من الجمهور التقليدي ذو الذائقة الأكثر تحفظًا.

المزيـــد علــى معـــازف