أفضل عشرين أغنية مصورة عربية في ٢٠١٨

كتابةهلا مصطفى - December 23, 2018

أثناء مراجعة معازف لأغنية فولكلور لمروان بابلو قبل مدة، أخبرنا المخرج سبيكو من فريق الدب البارد أن الفريق استمد إلهامه من أغاني مصورة دعمتها منصّة ناار، كأغنيات عصام ومجموعة شايفين. التأثر ذاته كان بالإمكان لمسه بين أعمال أخرى من خلفيات وبلدان عربية مختلفة. كان من الملفت وجود إنتاجات بصرية عربية مؤثرة وملهمة على هذا النحو بحيث يقتدي بها آخرون محليًا، لتناسب بيئتهم ولترافق وتواكب مستوى الموسيقى المنتجة، عوض الاستيراد الجاهز المعتاد من الغرب، كما كان ذلك ملهمًا بدوره للخروج بهذه القائمة التي تحصي أكثر مشاهداتنا من الأغاني المصورة متعةً خلال هذا العام.

٢٠ – إف تي بي | بلاك تي

طوال سنوات كانت مجموعة الراب التونسية، الزمرة، تجمعًا كبيرًا كثيف الإنتاج للأغنيات والفيديوهات المتنوعة الأساليب والأنماط. أنتجت الزمرة فيديو أغنية إف تي بي، التي كانت أولى إصدارات بلاك تي هذا العام. يبدأ الفيديو الممتع، رغم قصره وبساطته، بمشهد الأمواج تلاطم الكاميرا التي تصور بلاك تي واقفًا وحده على الشاطئ، تنتقل اللقطات فجأة إلى منطقة شعبية يتبادل فيها الرابرز سجائرهم مع أطفال الحي. الإمكانيات الإنتاجية المتواضعة مستندةً إلى عمل جماعي واضح التنظيم تنجح في جعل فيديوهات الزمرة على بساطتها ممتعة المشاهدة بلا تكلف أو مبالغة.

١٩ – إيه إم جاي | سمارا

اعتقال سمارا هذا العام ومحاكمته أكسبت أغنياته وفيديوهاته مزيدًا من الملحمية والثقل. ليس لأن الرابر الشاب كان بحاجة لمزيد من الشعبية التي قد تمنحه إياها هذه الأحداث، بل لأن حالة من الرهبة ربطت ثيمة حياة العصابات – التي لطالما حضرت كموضوع في أغنيات سمارا – بأحداث حياته الواقعية.

في فيديو أغنيته إيه إم جاي، ظهر سمارا مع رفاقه خلال ما يبدو كعملية تهريب للمخدرات عن طريق البحر. كانت الأغنية آخر إصدارات سمارا قبل إلقاء القبض عليه، ليتم فجأة حذف الفيديو الرسمي للأغنية عن قناته على يوتيوب بعد حصده لملايين المشاهدات.

١٨ – كحل وعتمة | شب جديد

الأغنية المصورة الوحيدة لشب جديد، أحد أكثر الأصوات الجديدة التي خطفت انتباهنا هذا العام، تختلف عن أسلوب معظم الأغنيات الأخرى في هذه القائمة، إذ تعتمد على تجميع للقطات عشوائية من القدس وكفر عقب، مدينة شب جديد الأم التي يرصد اوضاعها الأمنية كموضوع أساسي في الأغنية حماسية الإيقاعات وأسلوب الغناء.

من اللقطات النهارية إلى الليلية، متجولًا بين الوجوه والحارات وألوانها، فيديو كحل وعتمة هو دعوة لرحلة في المدينة مكثفة التفاصيل التي أوحت بالأغنية.

١٧ – خربان | ويجز وسادات العالمي

يبتعد فيديو مهرجان خربان عن الصورة النمطية التقليدية للمهرجان. التصوير الخارجي النهاري على متن اليخت وداخل البحر جاء بديلًا أكثر راحةً للمشاهدة من لقطات المهرجانات الليلية المعتادة حيث الإضاءة المشعشعة وحركة الكاميرا غير المضبوطة. هذا التجمع لهذا الكم من الشباب اليافعين على متن يخت في يوم صيفي حار يكسب فيديو خربان كمية حيوية وطاقة عالية تنتقل إليك لاشعوريًا.

١٦ – عظمة | أبيوسف

في فيديو عظمة شيء من الفكاهة الغريبة غير المباشرة. قد يكون للكلمات ومحاولة تجسيدها دور في توليد هذه الفكاهة، أو ربما لأبيوسف نفسه دور في ذلك. في عظمة، يظهر لنا وجه أبيوسف الممثل الذي لم نختبره  قبلًا، سواء في تعابير وجهه أو حركات جسده المدروسة. أما اختتام الأغنية بمشهد التقيؤ فيما تتكرر كلمة عظمة بلامبالاة، فقد منح الفيديو منعطفًا لمّاحًا غير متوقع.

١٥ – سلاي | منال وغراندي توتو

الضخامة الإنتاجية المترافقة بفيديوات منال الأخيرة، سواء كلشي بان أو شايفين أو تاج، جعلت أغلب أغنياتها تبدو كحساب إنستجرام ذَ ريتش كيدز أُف موروكو، استعراضية بشكل مبالغ رغم تفوقها بصريًا. لكن فيديو سلاي الصادر نهاية الشهر الماضي استطاع تجاوز هذه المآخذ بتقديمه لتجربة مشاهدة ممتعة.

سلاي هي كرنفال للألوان والأزياء والأصدقاء الحيويين وألوان أحمر الشفاه الذي بات العلامة الفارقة لمنال. لكن كل هذا لا يكاد يبدو في النهاية سوى مجرد إعداد وتحضير للحظة إعلان الأبواق دخول الغراندي توتو إلى المشهد في الدقيقة الأخيرة من الأغنية. التعاون الأول للغراندي توتو ومنال، الاسمان الأكثر شعبيةً بين الشباب المغربي اليوم، والاستدارة الواضحة لمنال عن البوب للتركيز على التراب بالصورة الأوضح في مسيرتها، أمران استلزما إذًا الفيديو الملحمي الطابع الذي منحنا إياه سعيد نصيري.

١٤ – بونأني | عصام

فيديو بونأني هو مثال عن السهل الممتنع. البساطة في عرض الفكرة وتصويرها وإنتاجها لا تتعارض مع كم الحميمية التي تنقلها. في الحيز المكاني ذاته ودون تغيير ظاهري واضح نتابع كيف كان الرابر يحتفل بعيد ميلاده في طفولته وبإشراف عائلته، ثم كيف يقضي المناسبة ذاتها بعد مرور سنوات طويلة وفي عالم أكثر بلوغًا، في ترجمة محكمة لكلمات الأغنية.

١٣ –  نكست | بلاكود

الواضح أن مخرج أغنية نكست استند إلى فيديو أغنية كافيار لعصام ليبني رؤية مماثلة، أو حتى مطابقة في بعض الكوادر. لكنه كذلك أضاف وطوّر بعض التفاصيل ليحمّلها شيئًا من رؤيته الخاصة. تفاصيل أزياء الشخصيات في الفيديو، وأسلوب تمثيلهم البارد اللامبالي داخل اللقطات الجامدة التي تكاد تخلو من الحركة تركت انطباعًا مسليًا وفكاهيًا يدفع إلى تكرار المشاهدة مرارًا.

١٢ – عزرائيل | أبيوسف

حين صدر فيديو عزرائيل في نيسان / أبريل الماضي لم يكن أبيوسف قد أطلق قناته الرسمية الجديدة على يوتيوب بعد، لذا لم يحظَ الفيديو بالشعبية أو الشهرة الكبيرة التي ترافق إصدارات أبيوسف عادةً. لكن الفيديو بالعموم يستحق المزيد من التقدير المستمد من كونه فيديو تقليلي بسيط، يلتقط وجود أبيوسف في الشارع بين العامة ثم يتتبعه من شرفة لأخرى تاركًا المساحة الكافية للتركيز مع الكلمات دون عجقة وتشويش بصري.

١١ – ساليني | ويجز

متنقّلين من لقطات عامة عالية الجمالية إلى أخرى متوسطة متسارعة في زحام الشارع ثم قريبة تركز على ويجز الذي يغني جالسًا على درج حديدي، منحت مجموعة الدب البارد ويجز في فيديو ساليني ذبذبات عالية من فيديوات كيندريك لامار. مقتدين إذًا بالمصادر الصحيحة، استطاعت المجموعة رغم الإمكانيات الإنتاجية المحدودة تقديم محتوى بصري يمكن وصفه بالاحترافي.

١٠ – سبايس تايم | مشروع ليلى ونارسي

أحسن ياسين السلمان (نارسي) توظيف الإنتاج الضخم الواضح للفيديو في خلق صورة مميزة، كان اللافت الأساسي فيها استخدام الدرون في تصوير لقطات عامة جمالية، ضمن بيئة جغرافية كان ليصعب تصوير لقطات جذابة فيها بهذا الشكل لو اختلفت التجهيزات التقنية. تركيز المخرج على إظهار أقصى الجماليات البصرية الممكنة في الفيديو بدأ في اختيار مواقع تصوير طبيعية مبهرة وانتهى بتنسيق الملابس المنمق للجميع أمام الكاميرا.

٩ – مَني كول | شايفين

عشرات المزاجات السينمائية تتقاطع وتتبدل في فيديو شايفين الذي أخرجته وأنتجته مجموعة نار. ابتداءً بالحياة الليلية لمجموعة شبّان عاملين يحلمون بأن يصبحون رابرز، وانتهاءً بما يبدو كاللحظات الجامحة في أفلام الويسترن الأمريكية. تعدد هذه الرؤى ضمن فيديو واحد مر بانسيابية وأناقة ممتعة، تؤكد أن المخرج إلياس الغريّب الذي سيمر مرة أخرى لاحقًا في هذه القائمة يمسك بإتقان بجميع خطوط لعبته البصرية.

٨ – دايرة عالمصلحة | ويجز ومروان بابلو

تأتي أهمية فيديو دايرة عالمصلحة من عدة نقاط، أبرزها هو أنه وضع مجموعة شوترز على خارطة أغنيات التراب المصورة ليمنحونا بعدها المزيد من الفيديوهات الجيدة مثل تايه وعزبة الجامع. النقطة الثانية هي الجرأة في أسلوب التصوير ورؤية الإخراج. تنتقل الكاميرا طوال الفيديو من خط تصوير شاقولي إلى آخر أفقي، تتابع الوجوه والحركات بلا ثبات وكأنها ترصد الحالة النفسية غير المستقرة لكل من يظهر في الكادر. دايرة عالمصلحة هي دعوة لتدخل مع ويجز وبابلو والشباب في جوهّم الخاص.

٧- رايز | تام تام

فيديو أغنية رايز للرابر السعودية المقيمة في أمريكا طمطم، والتي تناقش موضوع زواج القاصرات، قد نجا بأعجوبة من الوقوع في الكليشيهات القصصية التي قد يفرضها الموضوع. هذه الأعجوبة التي أنقذت الفيديو ووضعته في هذا الترتيب من القائمة هي المخرج مشعل الجاسر. صغر سن الجاسر ورؤيته التي لم تقبع حتى اليوم في الصندوق لنقول إنها خرجت منه، تجعله ضمن أكثر مواهب المنطقة إثارة للاهتمام. فيديو الأغنية زاخر بالتفاصيل السردية الذكية، وأخرى جمالية بحتة، إلى جانب توافر إنتاج وتقنيات تصوير عالية أحسن المخرج إدارتها وتوظيفها.

٦- تراب بلدي  عصام

في تجربته الإخراجية الأولى، أظهر عصام المخرج ذكاءً كبيرًا في وضع فيديو يكمل ما بدأه مخرجون سابقون تعاون معهم، بل إنه يبدأ مما منحوه إياه ليخرج بالستايل الخاص به. المونتاج المحكم للقطات مع الأغنية كثيفة الإيقاعات أكسبت العمل حيوية إضافية وإن كانت أسلوبية صعبة التنفيذ. عدا ذلك، يبدو أن البيجامات الرياضية المصنوعة من النايلون وتنسيق الملابس على النمط التسعيناتي، واعتماد مواقع تصوير شديدة الشعبية كالبطل الأساسي للفيديو، قد أصبحت من العلامات الفارقة التي تخص عصام وفيديواته ومن يتأثر به.

٥ – مش هقدر حد | أبيوسف

الفيديو الذي أخرجه أحمد المصري وأنتجته شركة ريدبول ميوزك جمع ثلاثة أسماء فنية في تعاون أول لهم، وثلاثة أنماط موسيقية مختلفة، ليخرج بفيديو جذّاب رغم هذا المزيج الهجين.

ما لا ندركه تمامًا هو السبب الذي دفع المخرج لخفض جودة التصوير الليلي إلى هذه الدرجة، ومدى كون هذا الأمر مقصودًا أو موظفًا لخدمة الفيديو، لكن أسلوب التصوير بقي مبهرًا بكل الأحوال، مدعومًا بالإضاءة والحركة والفوضى المرتبطة بمدينة الملاهي التي تم اختيارها كموقع تصوير.

٤ – رايد فور مي | تريبي بويز

على امتداد أكثر من عام، قدّم RIP SLR  لتريبي بويز عددًا ليس قليلًا من الفيديوهات الممتازة التي خلقت لصبيان التراب هوية بصرية مختلفة عن السائد ومناسبة لأغنياتهم. في رايد فور مي، بلغ المخرج درجة تطور جعلت جودة الفيديو تستند إلى عناصر غير متوقعة، كالألوان مثلًا التي تستمر بشد النظر طوال مدة المشاهدة ومع تبدل اللقطات ومواقع تصويرها. سواء الألوان الطبيعية الموجودة بكل الأحوال كصناديق المياه الغازية الملونة في الحي وألوان السنابل في مشاهد الحقول، أو في الألوان المقحمة والمختارة بعناية كما في ملابس الممثلين.

٣ – فلكلور | مروان بابلو

مع فلكلور، الفيديو الخامس الذي صورته وأخرجته مجموعة الدب البارد، أصبحت المجموعة إحدى أكثر التجارب الشبابية الجديدة إثارة للاهتمام في مصر هذا العام. والسرعة التي يتطور الشباب وفقها تنبئ بأن القادم أعظم.

بإمكانيات إنتاجية قد لا تقارب الحد الأدنى لبعض الفيديوهات الواردة في هذه القائمة صنعت مجموعة الدب البارد فيديو بسيط محبوك بالتفاصيل تجعل دقائق الأغنية الثلاث تمر دون أن تشعر. إنارة النيون تحت الكنبة، سائق الدراجة النارية التي يتكرر مروره كالومضات، ولوحة بابلو بيكاسو على يمين بابلو هي أبرز أمثلة عن هذه التفاصيل. عنصر جمالي إضافي في الفيديو يتمثل بمروان بابلو نفسه. راحته الكبيرة أمام الكاميرا وحركته المضبوطة المنسجمة مع إيقاعات الأغنية تجعل مشاهدته كممثل وحيد في الفيديو تمر بأريحية جديرة بالذكر.

٢ – اجرمن عنهن | مسلّم

قد لا يمتلك فيديو إجرمن عنهن الخط القصصي السردي الأكثر ملائمةً لإمساك خمس دقائق مشاهدة بإحكام، لكن عناصر كثيرة بديلة تجعله متفوقًا بين الفيديوهات التي خرجت من منطقته طوال هذا العام. تتوزع المشاهد في الفيديو على ثلاثة مواقع تصوير، الأول في بيئة ثلجية والثاني صحراوي والأخير في بناء مهجور، تتالي هذه المواقع وتناقضها مر بانسيابية وبلا مشاكل. يوظف التصوير تقنيات شديدة الاحترافية ليخرج بصورة بصرية ممتعة للعين، سواء عبر استخدام الدرون في المشاهد المصورة في موسكو أو استخدام عدسة محدبة في تصوير مشاهد عمّان. لا بد هنا من التشديد على كون التصوير قد تم في ثلاثة مدن مختلفة، وبالتالي مع ثلاثة مدراء تصوير مختلفين، دون أن يسبب ذلك أي شرخ أو تشتيت في الصورة النهائية.

الرؤية الإخراجية التي وضعها مسلّم نفسه للفيديو رفعت السقف عاليًا للأغنيات المصورة التي قد تخرج في الفترة القادمة من منطقته المقلة بإنتاج الفيديو، خاصة بالمقارنة مع المغرب العربي حيث المنافسة محتدمة.

١ –  كافيار | عصام

منذ المرة الأولى التي تابعنا فيها فيديو كافيار، بدا كل شيء في مكانه المناسب على نحو لا تميز معه إن كان الفيديو قد صنع من أجل الأغنية أم الأغنية من أجل الفيديو. آخذين بالعلم أن كافيار هي إحدى أكثر أغنيات التراب المغاربي حميميةً وشخصيةً لهذا العام، قام الفيديو على أتم وجه بتظهير هذه الحميمية بأكثر ألوانها دقةً وتناسبًا.

قد تكون النظرية بديهية، لكن ما فعله المخرج إلياس الغريّب ليخرج بهذه النتيجة كان أنه استمع للأغنية فعلًا. استمع إلى كمية الاغتراب التي يوصّفها شاب عشريني في مدينته الأم وبين أفراد أسرته، ووظّف الحيز المكاني ممثلًا عن هذا الاغتراب. تتالي وتتابع اللقطات في زوايا الحي المزدحمة بالشخصيات تارةً ثم عرضها فارغة تارةً أخرى، السيارات الملونة اللامعة في لقطة أولى ثم تصويرها مغطاة ومهجورة في ثانية، وأفراد العائلة المتجهمين في استديو التصوير، عكس شعورًا بالخوف والفقد بشكل ربما كان أكثر وضوحًا من كلمات الأغنية حتى.

هذا التركيز على تفاصيل الحي الشعبي بالعموم يمنح المشاهد شعور الحنين لمكان لا يعرفه وربما لن يعرفه أبدًا، لكنه قادر على استقبال هذه التفاصيل وتقدير جمالياتها وإسقاطها على ما يشابهها في حياته الخاصة.