.
في أحد أفضل المهرجانات الصادرة مؤخرًا، يستكشف شحته كاريكا ومادو الفظيع كيميا استثنائية بينهما. لا نقول إن مستواهما معًا يفوق مستوى معظم الثنائيات الأخرى، لكنه يفوق مستوياتهما كأفراد بمراحل، إذ أن الواحد منهما يميل للتكاسل في الدور الذي بدأ به مسيرته في المهرجانات: شحته في دور مغني المهرجانات المنحدر من قالب النبطشي، ومادو في توزيع المهرجان على الإيقاعات المبهرجة المعهودة، من الصفقة والمزامير الإلكترونية إلى إيقاعات الطبول الشعبية. لكن ضعهما سويةً وتحصل على مهرجان فظيع بالفعل، من كاريزما كاريكا الخشنة في غناء كلمات أمير شينكو وكناريا المتقنة والمسلية: “بتشيلي وتخبي علينا / والرزق بتاع ربنِّا”، إلى الأناقة المفاجأة في توزيع مادو، والذي اختار تأجيل بضعة إيقاعات وترية شرقية إلى آخر عشرين ثانية من المهرجان ليخلق بها هذه القفلة المعلميّة.
باستثناء الوصلة القصيرة القريبة من الراب في المنتصف، يحافظ الدخلاوية على البنية التقليدية القديمة للمهرجانات من إيقاعات ثابتة ومقاطع متساوية الطول. ما يميز أعمال الدخلاوية الأخيرة على كل حال، وخصوصًا أنا اللي ادمر، هو عملهم على دعم الإيقاع الرئيسي – المكون من الصفقات الإلكترونية والإيقاعات النحاسية المعتادة – بغزارة من الأسطر الإلكترونية القصيرة، والتي تقترب هنا من موسيقى النينتندو. المزج بدوره نظيف ومتوازن على نحوٍ مبهر، لا يقل حرفيةً عن كثير من اغاني البوب. أخيرًا، نسمع هنا التماسك الصوتي الذي يميز أعمال الدخلاوية، والناتج عن كونهم مجموعة مكتفية ذاتيًا، يكتب ويوزع أعمالهم على الترتيب عضوي المجموعة حودة ناصر وأحمد فيلو.
https://youtu.be/EonzXa1gHH4
تشبيه سادات نفسه بـ دراكولا مفهوم، فهو يمتص كل ما يقع تحت فكه من فرص: جهود تأليفية جريئة، استلهامات من أصناف موسيقية محلية وعالمية، وتجارب مستمرة مع موزعين ومنتجين جدد – كل ذلك ليبقى شابًّا، قادرًا على مواجهة الوافدين الجدد على ساحة المهرجانات، والبقاء ملكًا في قلعته العالية. في هذا المهرجان وهذه الأغنية، يذكرنا سادات بالدور الذي يلعبه تمكنه الغريزي وتدفقه الجارف في إنجاح التجارب التوزيعية والإنتاجية، حيث يستطيع إيجاد ديناميكية يرتاح في الحركة ضمنها للتعامل مع كل شيء، من الراب والتراب إلى الجرايم والدرام آند بايس، في الوقت الذي يمكننا تخيل مغنين مهرجانات آخرين قد يدفنوا تحت أنقاض تجارب مماثلة. باختصار، ما يبدو متهورًا وخطرًا، يصبح بفضل مشاركات سادات جريئًا وربما ضروريًا.
في أحد مهرجاناته المكتسحة الأخيرة، كله بالحب، يقول علاء فيفتي: “إصحي وفوقي يا بلد / مزيكا جديدة بتتولد.” الفكرة مع فيفتي أنه يقطع وعودًا كبيرة كهذه، ثم يقدم نتائج أكبر بعد. لا أحد ينافس فيفتي حتى الآن في قدرته على تطويع إلهامات جديدة لخدمة المهرجانات؛ فبينما نستطيع سماع كيف تدخل مقاطع الراب والتراب والتكنو وأين تستقر في مهرجانات معظم المغنين، تدخل هذه المقاطع في أعمال فيفتي وتضيع، وكأن لمهرجاناته معدة تمساح، تلتهم كل شيء وتذيب الحديد. ع الونجين هو أحد إنجازات فيفتي الأخيرة على هذا المستوى، بإنتاج متزن ومصقول يفتح النفس من حاحا، ثم الديناميكية المهرجاناتية البحتة بين صوت فيفتي وبليه، والتي تقوم على تظليل صوت حاد بصوت أكثر حدةً. كلمات المهرجانات تعبث بالحدود مع مملكة الشعر العامي، بصور هلوسية وطلاقة مبهرة في بناء المشاهد.
هناك مهرجانات تسمع أول دقيقة فيها ويكون لديك تخمين شبه أكيد عن من هو الموزع، لكن سيب الـ ها ليس واحدًا من هذه المهرجانات. المسافة التي قطعها إسلام ساسو من أعمال كـ مولد الليلة الكبيرة الصادر في ٢٠١٥ إلى مهرجان سيب الـ ها (والصادر في مارس، لكن ضرب في أبريل) تقاس بالسنوات الضوئية. يستفيد هذا المهرجان بوضوح من الأبواب والشبابيك التي فتحها مهرجان لأ لأ، فيحافظ على الصوت التقليلي الاقتصادي، يستخدم عبارة غنائية أو اثنتين كلازمة صايعة يدور حولها المهرجان ويسهل تحولها إلى ظاهرة للألش على الإنترنت، وأخيرًا المغنيين المتقاربين في الصوت، والملتزمين بأسلوب إلقاء بارد وغير مبالٍ عن قصد، هم في هذه الحالة الأخوين (والتوأمين) أحمد ومحمود أتله، والمعروفين بفريق الـ صاب واي.